للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ اقْتِدَائِهِ وَطَالَ انْتِظَارُهُ لَهُ عُرْفًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلَاعُبِهِ.

أَمَّا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةٍ لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُتَابَعَةِ هُنَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ انْتِظَارٌ كَثِيرٌ لَهُ.

قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الْخُلْفَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَمُقَابِلِهِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا، إذْ الْأَوَّلُ يُوَافِقُ الثَّانِي فِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَمَا قَرَّرْتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الشَّكَّ هُنَا كَهُوَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ الْبُطْلَانِ بِانْتِظَارٍ طَوِيلٍ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَيَسِيرُ مَعَ الْمُتَابَعَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ: إنَّهُ فِي حَالِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ، وَهَلْ الْبُطْلَانُ بِمَا مَرَّ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْعَالِمِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: إنَّ الْأَشْبَهَ عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ.

(وَلَا يَجِبُ) (تَعْيِينُ الْإِمَامِ) عَلَى الْمَأْمُومِ فِي نِيَّتِهِ بِاسْمِهِ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفِهِ كَالْحَاضِرِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ مِنْهُمْ، إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ.

قَالَ الْإِمَامُ: بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْمُقَارَنَةِ وَتَرْكُهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ فَيَتَسَامَحُ فِيهَا وَيَكْتَفِي بِالظَّنِّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ حَالِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَيَضُرُّ التَّرَدُّدُ حِينَئِذٍ الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ فَلْيُحَرَّرْ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ حَالَ الْإِحْرَامِ الضَّرَرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُتَابَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَطَالَ انْتِظَارُهُ) وَاعْتِبَارُ الِانْتِظَارِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: عُرْفًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ فِي رُكُوعِهِ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مِنْ ضَبْطِ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ كَوْنُهُ رَابِطًا صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ.

[فَرْعٌ] انْتَظَرَهُ لِلرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي كُلٍّ وَلَكِنَّهُ كَثِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ قَلِيلٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ طب وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّاخِلُونَ وَطَالَ الِانْتِظَارُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْمُقْتَدِينَ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرَّبْطُ الصُّورِيُّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْ الِانْتِظَارَاتِ الْيَسِيرَةِ وَإِنْ كَثُرَ مَجْمُوعُهَا، لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمَّا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الرَّبْطُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا) يَنْبَغِي أَوْ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لَا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُتَابَعَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ) أَيْ مِنْ الضَّرَرِ حَيْثُ تَابَعَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَغَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ جَوَابُ أَمَّا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِي الْقُوتِ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ الِاقْتِدَاءَ أَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يُتَابِعَ الْإِمَامَ لِغَرَضٍ مَا فَسَهَا عَنْ ذَلِكَ فَانْتَظَرَهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ، فَهَلْ تَضُرُّ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ إلَخْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِي الْعَالِمِ الْعَامِدِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْفَوْتِ ذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامَانِ لِجَمَاعَتَيْنِ لَمْ تَكْفِ هَذِهِ النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا لَا تُمَيِّزُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَمُتَابَعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ م ر.

وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لِكُلِّ مَنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ الْإِمَامُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْإِمَامَ فَذَاكَ وَإِلَّا لَاحَظَهُمَا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَكِنَّهُ يُوقِعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>