تَعْيِينِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَيَّنَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَيَكُونُ ضَارًّا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ (وَأَخْطَأَ) فِيهِ كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَوَى الْعِتْقَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَثَلًا وَأَخْطَأَ فِيهِمَا.
وَبَحْثُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ إلَّا نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ تَابَعَهُ الْمُتَابَعَةَ الْمُبْطِلَةَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبِأَنَّ تَقْصِيرَهُ بِالتَّعْيِينِ الْفَاسِدِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْمُتَلَاعِبِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَيَّنَهُ: أَيْ بِاسْمِهِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِالْحَاضِرِ أَوْ بِهَذَا وَاعْتَقَدَهُ زَيْدًا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِاسْمِهِ فَكَانَ عَمْرًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَمَّ تَصَوُّرٌ فِي ذِهْنِهِ شَخْصًا مُعَيَّنًا اسْمُهُ زَيْدٌ وَظَنَّ أَنَّهُ الْحَاضِرُ فَاقْتَدَى بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِإِمَامَةِ مَنْ هُوَ مُقْتَدٍ بِهِ وَهُنَا جَزَمَ بِإِمَامَةِ الْحَاضِرِ وَقَصَدَهُ بِعَيْنِهِ لَكِنْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ فَلَمْ يَقَعْ خَطَأٌ فِي الشَّخْصِ أَصْلًا، وَلَوْ قَالَ بِزَيْدٍ الْحَاضِرِ أَوْ بِزَيْدٍ هَذَا وَقَدْ أَخْطَرَ الشَّخْصَ بِذِهْنِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ، إذْ الْحَاضِرُ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْمَوْصُوفِ الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ، وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ وَقَعَ عَطْفَ بَيَانٍ لِزَيْدٍ وَزَيْدٌ لَمْ يُوجَدْ وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ مُعْرِبًا لَهُ بَدَلًا إذْ الْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أُصَلِّي خَلْفَ هَذَا، وَهُوَ صَحِيحٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ غَيْرَ مُنَافٍ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ، وَلَوْ عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِجُزْئِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا صَحَّتْ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، إذْ الْمُقْتَدِي بِالْبَعْضِ مُقْتَدٍ بِالْكُلِّ لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ بُطْلَانَهَا بِتَلَاعُبِهِ، وَالْأَوْجُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الرَّبْطَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ رَبْطِ فِعْلِهِ بِفِعْلِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ لَا بِنَحْوِ يَدِهِ.
نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْبَعْضِ الْكُلَّ صَحَّتْ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ) فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (نِيَّةُ الْإِمَامَةِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
رُكُوعَهُ بَعْدَهُمَا فَلَوْ تَعَارَضَا عَلَيْهِ تَعَيَّنَتْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَخْطَأَ فِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَوَى الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَبَانَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَهَلْ يَعْتِقُ مَجَّانًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ شَخْصُهُ فِي ذِهْنِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَبْلُ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ
(قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي حُصُولِ أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ وَالْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْمِيلُ إلَى خِلَافِهِ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلُحُوقِ سَهْوِ الْإِمَامِ لَهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقُدْوَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا، وَأَمَّا حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلِوُجُودِ صُورَتِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ أَلْبَتَّةَ فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَلُحُوقِ السَّهْوِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً وَكَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِمَامَةِ صَلَحَ لِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) لَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ فَأَمَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ مَدَارَ الْأَيْمَانِ غَالِبًا عَلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَعُدُّونَهُ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ إمَامًا اهـ حَجّ فِي الْإِيهَابِ شَرْحِ الْعُبَابِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الثَّانِي حَيْثُ وَجَّهَهُ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُعَلَّلُ بِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُ فُرَادَى أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ دَخَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا مَحَلًّا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحَمَلَهُ ابْنُهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُطِيعُهُ لَوْ أَمَرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَذِنَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ أَيْضًا.