للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ، أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ إنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَأَحْرَمَ بِهَا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِمْ اُشْتُرِطَتْ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَمَرَّ فِي الْمُعَادَةِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ جَمَاعَةً إذَا صَلَّى فِيهَا إمَامًا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ أَيْضًا (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْمُوجِبِ لَهَا وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُقْتَدِينَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُمْ بِسَبَبِهِ وَإِنْ نَوَاهَا فِي الْأَثْنَاءِ حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ، وَلَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَفَارَقَ مَا لَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَتْ صِيغَةُ حَلِفِهِ لَا أُصَلِّي إمَامًا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَعْنَى لَا أُصَلِّي إمَامًا: لَا أُوجِدُ صَلَاةً حَالَةَ كَوْنِي إمَامًا، وَبَعْدَ اقْتِدَاءِ الْقَوْمِ بِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا إنَّمَا يُوجَدُ مِنْهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ لَا إيجَادُهَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بَعْدَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ إتْمَامٌ لَا إيجَادٌ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ) وَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُقَارَنَةِ لِجَمِيعِ التَّكْبِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا انْعَقَدَتْ وَأَثِمَ بِعَدَمِ فِعْلِ مَا الْتَزَمَهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا بَعْدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيَكْتَفِي بِرَكْعَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرَحَهُ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهَا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فُرَادَى، لِأَنَّ تَرْكَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) أَيْ وَالْمَجْمُوعَةُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمُرَادُ الثَّانِيَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأُولَى تَصِحُّ فُرَادَى.

وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَمَسْأَلَةُ الْجَمْعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إلَى آخِر مَا ذَكَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدُوا قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتِهَا الْأُولَى، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْجَمَاعَةَ أَوْ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ.

[فَرْعٌ] رَجُلٌ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ بِمَوْضِعٍ هَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ؟ يُحْتَمَلُ وِفَاقًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَنْ ذَلِكَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فِي دَرْسِهِ مُشَافَهَةً لَا تَجِبُ، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ حَاصِلَةٌ: أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ كَوْنُهُ مَتْبُوعًا لِلْغَيْرِ فِي الصَّلَاةِ مَرْبُوطًا صَلَاةُ الْغَيْرِ بِهِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ بِدَلِيلِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِنِيَّتِهَا، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

[فَرْعٌ] الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَا أَحَدَ ثُمَّ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ اقْتِدَاءٍ جَنَى بِهِ. نَعَمْ إنْ ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ أَوْ طَلَبُهَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ: أَيْ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ أَحَدٌ إذَا وَثِقَ بِالْجَمَاعَةِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُؤَخِّرُهَا لِحُضُورِ الْمُوثَقِ بِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ اقْتِدَاءٍ جَنَى أَيْ أَوْ مِلْكٍ.

(قَوْلُهُ: حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّ جَمِيعَ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وُجِدَتْ هُنَا فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ بِأَنْ نَذَرَ بِأَنْ يُصَلِّيَ كَذَا مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جَعْلِهَا كَالْجُمُعَةِ الَّتِي النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ حَمَلَهَا عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَيْسَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي انْعِقَادِهَا فَلَا تَكُونُ كَالْجُمُعَةِ، بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمَنْذُورِ جَمَاعَةً فَإِنَّ شَرْطَ انْعِقَادِهِ بِمَعْنَى وُقُوعِهِ عَنْ النَّذْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>