نَوَى صَوْمَ نَفْلٍ قَبْلَ الزَّوَالِ حَيْثُ أُثِيبَ عَلَى الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَبَعَّضَ صَوْمًا وَغَيْرَهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا جَمَاعَةً وَغَيْرَهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُدَّ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ إمَامًا لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا مَعَهُ غَرِيبٌ، وَيُبْطِلُهُ وُجُوبُهَا عَلَى إمَامِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ (فَإِنْ) (أَخْطَأَ) الْإِمَامُ (فِي تَعْيِينٍ تَابَعَهُ) وَلَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ جُمُعَةً أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَأَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو (لَمْ يَضُرَّ) إذْ خَطَؤُهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ، أَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ، لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ.
(وَ) مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَحِينَئِذٍ (تَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ وَبِالْعُكُوسِ) أَيْ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَفِي الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ نَظَرًا لِاتِّفَاقِ الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ تَخَالَفَتْ النِّيَّةُ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ» (وَكَذَا الظُّهْرُ) وَنَحْوُهُ كَالْعَصْرِ (بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَدِي حِينَئِذٍ (كَالْمَسْبُوقِ) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.
(وَلَا يَضُرُّ) (مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الْمَغْرِبِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَاسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) وَلَوْ بَيَّتَ الصَّبِيُّ النِّيَّةَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أُثِيبَ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ الشَّوْبَرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يُثَابُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَمَا قَبْلَهُ ثَوَابَ النَّفْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهَا عَلَى رَكَعَاتٍ يُمْكِنُ وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَرْضًا وَبَعْضِهَا نَفْلًا فَجُعِلَ ثَوَابُهَا كَذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَةُ الْيَوْمِ بِحَيْثُ يَصُومُ بَعْضَهُ نَفْلًا مُتَمَيِّزًا عَنْ بَاقِيهِ، فَجُعِلَ ثَوَابُهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَغَلَبَ جَانِبُ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضُرُّ) وَمَحَلُّهُ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْخَطَأِ فِيهِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ
(قَوْلُهُ فِي الْأَفْعَالِ) خَرَجَ بِهَا الْأَقْوَالُ وَبِالظَّاهِرَةِ الْبَاطِنَةِ كَالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْعُكُوسِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالشَّارِحِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ خِلَافٌ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهُ خِلَافٌ مَذْهَبِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذَا الِاقْتِدَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ مَذْهَبِيٌّ.
[فَرْعٌ] نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْخِلَافَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَتَى بِالتَّسْمِيَةِ جَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ، قَالَ: لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْ تَحْصِيلَ الْجَمَاعَةِ لِبَعْضِ الْمُصَلِّينَ دُونَ بَعْضٍ بَلْ قَصَدَ حُصُولَهَا لِجَمِيعِ الْمُقْتَدِينَ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْمَانِعَةِ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْبَعْضِ أَوْ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْبَعْضِ اهـ.
وَهُوَ قَرِيبٌ حَيْثُ كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَاحِدًا، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَئِمَّةً مُخْتَلِفِينَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْمَعْلُومِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْإِمَامِ حَنَفِيًّا مَثَلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ الْمَعْلُومُ عَلَى مُرَاعَاةِ غَيْرِ مَذْهَبِهِ، أَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَئِمَّةِ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ بِتَقْلِيدِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَعَلِمَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَيُحْمَلُ وَقْفُهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِهِ فَيُرَاعِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.
نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ كَأَنْ اقْتَضَى بَعْضُ الْمَذَاهِبِ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ وَبَعْضُهَا وُجُوبَهُ أَوْ بَعْضُهَا اسْتِحْبَابَ شَيْءٍ وَبَعْضُهَا كَرَاهَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ الْإِمَامُ مَذْهَبَ مُقَلِّدِهِ وَيَسْتَحِقَّ مَعَ ذَلِكَ الْمَعْلُومَ
(قَوْلُهُ: فِي الْقُنُوتِ) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِشَاءِ بِمُصَلِّي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .