للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُولَى اهـ.

وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ: أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا مِنْهُمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَامَتْ بِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ الْأَوْلَى فِيهَا الِانْفِرَادُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِ بِخِلَافِهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ نَالَ فَضْلَهَا فِي الْأَظْهَرِ بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً اُسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ لِحِيَازَةِ فَضْلِهَا وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَعَادَهَا صَحَّتْ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فَرْضًا كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ اهـ.

وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَطْلُوبٌ تَرْكُهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ تَرْكِ جَمَاعَتِهَا.

وَالصَّلَاةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاجِبٌ فِعْلُهَا وَإِنْ انْتَفَى طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ الْمَارِّ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ مُعِيدِ الْفَرِيضَةِ صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ» وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ رَأَى فِي آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ كَمَا مَرَّ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا.

وَقَدْ عَلَّلَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهَ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ بَطْنِ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحَّضِ، أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا إذْ قِيلَ: إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَرُبَّمَا قِيلَ يَحْتَسِبُ أَكْمَلَهُمَا، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلَةِ لَمْ يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا.

وَقِيلَ إنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْفَرْضُ الثَّانِيَةُ لِكَمَالِهَا، وَإِنْ صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ فَالْأُولَى.

وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُصَلِّيَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّالِثَةِ إنْ شَاءَ) الْمَأْمُومُ (فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ (وَسَلَّمَ) لِانْقِضَاءِ صَلَاتِهِ، وَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) لِيَحُوزَ أَدَاءَ السَّلَامِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (قُلْت: انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ فَلَا يُرَدُّ السُّؤَالُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا) أَيْ فَإِنَّ أَهْلِيَّتَهُمْ لِلصَّلَاةِ حَاصِلَةٌ وَانْتِفَاءُ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ لِمُجَرَّدِ اخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَا ذَكَرْته إلَخْ) أَيْ تَوْجِيهًا لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ انْتِظَارِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَوْ أَعَادَهَا) أَيْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمِرَارًا.

(قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَمَّا انْفَتَلَ) أَيْ الْتَفَتَ.

(قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَدَى هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَتَقَدَّمَ عَنْ سم حُصُولُ الثَّوَابِ فِي النَّفْلِ الَّذِي لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي الْفَرْضَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى: وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي عِشَاءِ الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>