للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِذَا انْتَظَرَهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إذَا قَامَ لِلرَّابِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَقَطْ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ أَيْضًا لِجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ، إذْ جُلُوسُهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ أَحْدَثَ جُلُوسًا، كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ أَفْحَشُ، وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَتَرَكَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِيهَا بِأَنَّهُ وَافَقَهُ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ بِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي التَّشَهُّدِ بِالْقَائِمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ مُفَارَقَتُهُ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ، وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِإِمَامِهَا بَلْ يُسَنُّ لَهُ الِاقْتِدَاءُ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ فَإِنْ خَشِيَهُ فَعَدَمُ الِانْتِظَارِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِجَوَازِ الْمَدِّ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: أَطَالَ الدُّعَاءَ) أَيْ نَدْبًا وَلَا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا دُعَاءً قَصِيرًا كَرَّرَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ التَّشَهُّدَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ لَهُ انْتِظَارَهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِنَا: إنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: لِجُلُوسِهِ) أَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْجُلُوسَ تَابِعٌ لَهُ: أَيْ التَّشَهُّدِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ كَالْجَاهِلِ، وَهُوَ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ لِعُذْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ مَأْخُوذًا بِالْأَوْلَى هُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ، فَلَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَإِنْ طَالَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ هُنَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي) يَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْرِبِ كَمَا يُعْلَمُ كَاَلَّذِي نَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ) أَيْ مَعَهُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ) يَعْنِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي الْمَغْرِبِ، وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرَّبَاعِيَةِ) كَذَا فِي: نُسَخِ الشَّارِحِ كَالْفَتَاوَى، وَكَانَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولٍ وَفَاعِلُهُ مَحْذُوفٌ لِعِلْمِهِ: أَيْ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ لَا إحْدَاثَ هُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>