بِصَلَاةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا فِي الْمَاهِيَّةِ فَكَانَ هَذَا الْقَصْدُ ضَارًّا، وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ مَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ إذَا رَكَعَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ بِوَضْعِ شَيْءٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَافْتَرَقَا، أَمَّا لَوْ صَلَّى الْكُسُوفَ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا.
وَلَوْ وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا يَعْلَمُ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ أَوْ الْقِيَامُ، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا أَوْ مُتَوَرِّكًا فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ وَيَجْلِسَ، هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجِلْسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَيَصِحُّ الْفَرْضُ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَنُقِلَ عَنْ الْكِفَايَةِ: وَلَا تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ فِي الِاعْتِدَالِ بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَسُجُودِ سَهْوٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ وَقِيَامٍ مِنْهُ، فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا مَرَّ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفٌ لِإِتْمَامِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبُلْقِينِيُّ اهـ.
لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَالْأَوْجُهُ إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافَ ظَنِّهِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدِي بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَزِمَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ تَطْوِيلٌ لِاعْتِدَالِ الْمَأْمُومِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِالتَّسْبِيحِ عَقِبَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَزِدْ زَمَنُهُ عَلَى زَمَنِ دُعَاءِ الْمَأْمُومِ فِي الِاعْتِدَالِ لَمْ تَضُرَّ مُوَافَقَتُهُ. .
[حاشية الرشيدي]
إلَى عِبَارَةِ التُّحْفَةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: يُصَلِّي مُفْتَرِشًا) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا) أَيْ الْمَأْمُومُ كَمَا هُوَ مُتَبَادَرٌ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْإِمَامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِأَفْعَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ بِمَا ذَكَرَ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ أَرَادَ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهُ الْمُفَارَقَةَ (قَوْلُهُ: الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ ثَمَّ شَرْطٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ: أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ انْتَهَتْ.
وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ هُوَ هُنَا بِالْقَيْدِ قَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ: أَيْ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَفْصَحَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الشَّرْطُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ مُبْطِلًا أَوْ غَيْرَ مُبْطِلٍ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الشَّارِحِ وَالشِّهَابِ الْمَذْكُورِ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي كَوْنِهِ: يُعْذَرُ بِهَذَا التَّخَلُّفِ حَتَّى يُغْتَفَرَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ أَوْ لَا يُعْذَرُ بِهِ، فَعِنْدَ الشَّارِحِ يُعْذَرُ كَمَا يَأْتِي وَعِنْدَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute