للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخَلُّفُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ: أَيْ هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ، فَإِنْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ كَانَ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ مُتَابِعًا، كَمَا أَنَّ الْمُصَلِّي مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ لَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، فَإِذَا أَوْقَعَهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَدْ أَتَى بِالصَّلَاةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَتَكُونُ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ: أَيْ فَيَكُونُ مُتَابِعًا وَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ، أَوْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِهَا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ لَا حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ، وَالتَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يَبْطُلُ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْرَادُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْكُلِّ غَيْرُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَفْرَادِ، وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ السُّنَنِ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، مَعَ أَنَّ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَوْ يَكُونُ مُرَادُهُ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَلَوْ بِوَجْهٍ بَعِيدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَفْعَالِ عَنْ الْأَقْوَالِ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ فَيَجُوزُ تَقَدُّمُهَا وَتَأَخُّرُهُ بِهَا إلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا فِي السَّلَامِ فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ.

(فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي الْأَفْعَالِ بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا وَعَدَمُ الْمَحْذُورِ فِي الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ يُعْلَمُ حِينَئِذٍ بِالْأَوْلَى، وَيَجُوزُ شُمُولُ كَلَامِهِ أَيْضًا لِلْأَقْوَالِ بِدَلِيلِ حَذْفِ الْمَعْمُولِ الْمُؤْذِنِ بِالْعُمُومِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الِاتِّصَالُ (لَمْ يَضُرَّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ) أَيْ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ لَا مِنْ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ آخِرَ الْأُولَى: أَيْ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى حَجّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بَلْ بِالْهَمْزَةِ إنْ نَوَى عِنْدَهَا الْخُرُوجَ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ إلَخْ، فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْأُولَى: أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ لِلْأَقْوَالِ) زَادَ حَجّ وَلَوْ السَّلَامَ بِدَلِيلِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ عَزَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَفْعَالِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إنْ كَانَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَلَاقَةٌ أَنَّ عُمُومَ الْمُتَابَعَةِ يَتَأَدَّى بِوُجُوهٍ؛ مِنْهَا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِخُصُوصِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ: أَيْ أَوْ حَرَامٌ لِخُصُوصِهِ وَإِنْ تَأَدَّى بِهِ عُمُومُ الْمُتَابَعَةِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، وَغَيْرُهُ مَذْكُورٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ، فَالْكُلُّ عَلَى هَذَا مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ قَصْرُهَا عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ.

وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي إنَّمَا غَايَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُسْلُوبِ، وَلَمْ يَعْطِفْ حَالَةَ الْمُقَارَنَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَرَّرَ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ يُقَارِنَ عَطْفًا عَلَى يَتَأَخَّرَ، لِمَا بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ اللَّذَيْنِ هُمَا حُكْمُ الْمُقَارَنَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ التَّنَافِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا) أَيْ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ لَا الْجَمِيعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّقَدُّمُ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ) لَعَلَّ الْبَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى عَلَى: أَيْ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى جَمِيعِ صُوَرِ الْمُتَابَعَةِ الْأَرْبَعَةِ يُبْطِلُ بِأَنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُقَارِنْهُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ بِرُكْنٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِرُكْنٍ بِأَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْإِخْلَالُ بِجَمِيعِهَا مُبْطِلٌ لِشُمُولِهِ التَّخَلُّفَ بِرُكْنَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَكَانَ مَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا التَّعْلِيلَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ) صَوَابُهُ وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، إذْ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْحُكْمُ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هُوَ قَوْلُهُ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بَيَانٌ لِحُكْمِ أَفْرَادِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُتَابَعَةُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ دَلِيلٍ وَقَرِينَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>