للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَوْنِ الْقُدْوَةِ مُنْتَظِمَةً مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، بَلْ قَالُوا: إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ لَهُ تَقْرِيبٌ رَادِعٌ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ (إلَّا) فِي (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فَتَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا، حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ مَعَ التَّكْبِيرِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَمْ تَضُرَّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا لِبَقَاءِ نَظْمِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ.

فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ تَكْبِيرَةُ الْمَأْمُومِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُقَارَنَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمُسَاوَقَةِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَقَةَ لُغَةً مَجِيءُ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ لَا مَعًا (وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ وَطُولِ الرُّكْنِ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا) أَيْ رُكْنٍ (قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَمَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت» وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَرَغَ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَارِجَةُ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا لَا أَثَرَ لَهَا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْمُبْطِلِ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَ مُسَامَحَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: هَلْ الْمُرَادُ بِهِ ثَوَابُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ إلَخْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْفَائِتَ فِيهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُمْ لَيْسَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ بَلْ ثَوَابَ الصَّلَاةِ بِتَمَامِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا: أَيْ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، أَمَّا لَوْ عَرَضَ الشَّكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) صَرِيحٌ بِالنَّظَرِ لِاحْتِمَالِ الثَّانِي الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَتْنِ فِي أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَقْوَالِ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ خُصُوصًا فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ عَدَمُ الْمُقَارَنَةِ كَالتَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَخْ) هَذَا إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ لَفْظُ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا تَرَى مِنْ غَيْرِ عَزْوِهِ إلَيْهِ وَانْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ هُنَا، وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ إلَخْ، وَانْظُرْ مَا حَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَمَا مَوْقِعُ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ فِي السُّؤَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى) أَيْ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْمَغْصُوبِ وَمَنْ قَالَ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ) أَيْ فَلَا تَمْنَعُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ الثَّوَابَ فِيمَا قَبْلَهَا وَإِلَّا فَنَفْسُ الزِّيَادَةِ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ) الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ كَمَا يُعْلَمْ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>