لَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُؤُ إنْ لَحِقَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ (أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ (بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) بِأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ هُوِيَّ السُّجُودِ: أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْأَوْجُهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ، وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَوَى لِلسُّجُودِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ أَوْ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ، وَقَوْلُ جَمْعٍ إنَّ تَخَلُّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ: أَيْ الْمَعْذُورِ هُوَ الْأَوْجُهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ (وَإِنْ كَانَ) عُذْرٌ (بِأَنْ أَسْرَعَ) الْإِمَامُ (قِرَاءَتَهُ) وَالْمُقْتَدِي بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ خِلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا أَوْ كَانَ مُنْتَظِرًا سَكْتَةَ إمَامِهِ لِيَقْرَأَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَسِيمُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ بِأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ قَبْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ مَعَ تَخَلُّفِهِ عَنْ السُّجُودِ عَمْدًا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ) أَيْ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ السَّابِقِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةٍ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَقَدْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ جَمَاعَةٍ. مِنْهُمْ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ، وَقَيَّدَ الطَّلَبَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي التَّخَلُّفِ لِلْقُنُوتِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِدْرَاكُ الْمَذْكُورُ لَا يُطْلَبُ التَّخَلُّفُ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ عَلَى التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ يُخَالِفُ عَدَمَ التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ السُّورَةِ لِأَنَّ السُّورَةَ لَا ضَابِطَ لَهَا وَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِآيَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالتَّشَهُّدُ مَضْبُوطٌ مَحْدُودٌ م ر اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِالْإِتْمَامِ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَأَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِ الْمَأْمُومِ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَقَامَ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ كَانَ كَالْمُتَخَلِّفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: كَالْمُوَافِقِ) أَيْ فَتُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.
(قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) وَكَذَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ تَلَبُّسِ الْمَأْمُومِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَحِقَهُ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا جَعَلَهُ تَعْلِيلًا لِمَسْأَلَةِ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْآتِيَةِ لِاخْتِيَارِهِ فِيهَا الْبُطْلَانَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّخَلُّفُ بِرُكْنَيْنِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِهَا، وَيَكُونُ الْبُطْلَانُ مُقَيَّدًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ: مَطْلُوبٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ قَيَّدَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَأَيَّدَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ) أَيْ الْمَعْذُورِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ الْمَعْذُورِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةٌ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ التَّخَلُّفُ لَهَا إلَى تَمَامِ رُكْنَيْنِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute