للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِيهَا وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (أَوْ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ) بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ (لَمْ يَضُرَّ وَيُجْزِيهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ (وَقِيلَ) لَا يُجْزِيهِ وَ (تَجِبُ إعَادَتُهُ) مَعَ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَطَلَتْ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا سَبَقَهُ، وَيُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْخِلَافِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَوْ فِي سَرِيَّةٍ أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ إنْ ظَنَّ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا رِعَايَةَ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى خِلَافِ الْبُطْلَانِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لِقُوَّةِ هَذَا وَعَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ خِلَافَانِ قُدِّمَ أَقْوَاهُمَا وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» يُؤَيِّدُهُ، وَهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْجَهُ مِمَّا فِي الْأَنْوَارِ فِي التَّقَدُّمِ بِقَوْلِي: إنَّهُ لَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِوُقُوعِهِ فِي هَذَا الْخِلَافِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَ قِرَاءَتِهِ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ فِيهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَالزِّحَامُ وَالنِّسْيَانُ وَالْبُطْءُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاشْتِغَالُ الْمُوَافِقِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَعْذَارٌ، فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ تَتِمَّ فَاتِحَةُ الْمَأْمُومِ لِلْبُطْءِ أَوْ الِاشْتِغَالِ، أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ أَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسَّعْيُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ التَّخَلُّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ اهـ.

فَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ فَاتِحَتِهِ إنْ رَجَا أَنَّ إمَامَهُ يَسْكُتُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السُّجُودِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ شُرُوعُهُ عَنْ شُرُوعِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ قَبْلَهُ لَا يَأْتِي هَذَا الْخِلَافُ، وَكَذَا لَوْ سَبَقَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَفْرُغْ قَبْلَ شُرُوعِهِ اهـ عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ) أَيْ وَجَمِيعَ تَشَهُّدِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ) أَيْ فَلَوْ قَارَنَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبَّ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةُ هَذَا، وَأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ) أَيْ بِأَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ، كَذَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِ فِي السُّجُودِ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الرَّوْضِ انْتَهَى.

وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْحَاشِيَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ عَنْ الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً. انْتَهَى. لَكِنَّ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَيَتَّجِهُ إلَخْ لَمْ أَرَهُ فِيهَا فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نُسَخِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَكُّهُ فِي السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَهَلْ جُلُوسُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَقِيَامِهِ: أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلسُّجُودِ وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ لَيْسَ كَقِيَامِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَلَعَلَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَهُ وَيَتَّجِهُ إلَخْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُقَدِّمْ ذَلِكَ فَلْتُرَاجِعْ نُسْخَةً صَحِيحَةً.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْوَالِدِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ دَفْعِ هَذَا لِمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ مِنْ الْوُجُوبِ. وَفِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم بَعْدَ أَنْ سَاقَ عِبَارَةَ الشَّارِحِ هَذِهِ بِرُمَّتِهَا مَا نَصُّهُ: وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ فِي صُورَةِ الْأَنْوَارِ: أَيْ الْأُولَى يَصِيرُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>