قَدْرًا يَسَعُهَا أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً تَسَعُهَا وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَهَا مَعَهُ أَوْ لَا يَرَى قِرَاءَتَهَا (وَلَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى إمَامِهِ (بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) ، (فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَا طَوِيلَيْنِ أَمْ قَصِيرَيْنِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِلْإِتْيَانِ بِهِمَا مَعَ إمَامِهِ لِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ أَتَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ وَإِلَّا أَعَادَهَا.
قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَا يَخْفَى بَيَانُ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ مِنْ قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخَلُّفِ، وَلَكِنْ مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي التَّخَلُّفِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَا بِأَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَأَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِالتَّقَدُّمِ لِفُحْشِهِ اهـ.
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّقَدُّمَ كَالتَّأَخُّرِ، وَذَكَرَ النَّسَائِيّ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ بِرُكْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا فِعْلِيًّا وَالْآخَرُ قَوْلِيًّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَثَّلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْفَاتِحَةِ وَالرُّكُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِرُكْنٍ أَمْ بِأَقَلَّ أَمْ بِأَكْثَرَ (فَلَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِقِلَّةِ الْمُخَالَفَةِ، وَلَهُ انْتِظَارُهُ فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِلسَّبْقِ جَبْرًا لِمَا فَاتَهُ، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ انْتِظَارِهِ وَالْعَوْدِ وَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ عَمْدًا كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ حَرَامٌ لِخَبَرِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ أَحَدُهُمَا طَوِيلًا دُونَ الْآخَرِ كَأَنْ تَخَلَّفَ فِي الِاعْتِدَالِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ) أَيْ أَوْ بِرُكْنَيْنِ غَيْرِ مُتَوَالِيَيْنِ كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ فِي اعْتِدَالِهِ حَتَّى لَحِقَهُ الْإِمَامُ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ وَجَلَسَ ثُمَّ هَوَى لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَالِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إلَخْ) وَإِذَا عَادَ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ إنْ اطْمَأَنَّ فِيهِ وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْمَحْسُوبِ الْأَوَّلَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ عَلَى حُسْبَانِ الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ بَعْدَ عَوْدِهِ رُكُوعٌ حَتَّى اعْتَدَلَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَرْكَعُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الِاعْتِدَالِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ؟ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ، لَا لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ بَلْ لِأَنَّ رَفْعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الِاعْتِدَالِ بَلْ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَفَعَ فَزِعًا مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَيَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ: تَنْبِيهٌ: عَدُّنَا هَذَا: أَيْ مُسَابَقَةَ الْإِمَامِ مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا صَلَاةَ لَهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، غَيْرَ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَأْمُرُونَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى السُّجُودِ وَيَمْكُثَ فِي سُجُودِهَا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بِقَدْرِ مَا كَانَ نَزَلَ اهـ.
وَمَذْهَبُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامَ أَوْ الْهُوِيَّ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ، فَإِنْ سَبَقَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ بَلْ هُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمْ قَصِيرَيْنِ) لَيْسَ لَنَا فِعْلَانِ قَصِيرَانِ مُتَوَالِيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ) تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ انْتَصَبَ وَحْدَهُ سَاهِيًا لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ