للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمُبَاحِ) أَيْ الْجَائِزِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَمْ مَنْدُوبًا مُبَاحًا أَمْ مَكْرُوهًا، وَمِنْهُ أَنْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ مُنْفَرِدًا لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «كَرِهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْدَةَ فِي السَّفَرِ وَلَعَنَ رَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ» أَيْ إنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ وَقَالَ «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» فَيُكْرَهُ أَيْضًا اثْنَانِ فَقَطْ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا أَخَفُّ، وَصَحَّ خَبَرُ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا أَعْلَمُ فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» نَعَمْ مَنْ كَانَ أُنْسُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ صَارَ أُنْسُهُ مَعَ الْوَحْدَةِ كَأُنْسِ غَيْرِهِ مَعَ الرُّفْقَةِ لَمْ يُكْرَهْ فِي حَقِّهِ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ، كَمَا لَوْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى الِانْفِرَادِ وَالْبَعْدِ عَنْ الرُّفْقَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَلْحَقُهُ غَوْثُهُمْ فَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا قَصْرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ خَرَجَ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ أَوْ لِتَنْفِيذِ كِتَابٍ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ " فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقُهُ بِالْمُبَاحِ.

(لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) وَلَوْ عَلَى احْتِمَالٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي سَفَرٌ يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ فِيهِ فَلَا يَقْصُرُهَا وَإِنْ قَضَاهَا فِي السَّفَرِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ تَامَّةً فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلِهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً لَمْ تُقْصَرْ وَإِلَّا قَصَرَهَا. قِيلَ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ فِي السَّفَرِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ قَصْرَهَا وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ.

(وَلَوْ قَضَى) (فَائِتَةَ السَّفَرِ) الْمُبِيحِ لِلْقَصْرِ (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ فِي السَّفَرِ) الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَصْرُ الثَّانِيَةِ وَإِتْمَامُهَا حَيْثُ كَانَ يَقُولُ بِهِ الْمُخَالِفُ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ إعَادَتُهَا مَقْصُورَةً بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ لَحْظَةً لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَكْرُوهِ، وَقَوْلُهُ أَنْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ وَلَوْ قَصُرَ السَّفَرُ، وَقَوْلُهُ مُنْفَرِدًا فِي حَجّ إسْقَاطُ مُنْفَرِدًا وَهُوَ أَوْلَى لِلْعِلْمِ بِالِانْفِرَادِ عَنْ قَوْلِهِ وَحْدَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ» ) أَيْ كَالشَّيْطَانِ فِي أَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْ النَّاسِ لِئَلَّا يُطَّلَعَ عَلَى أَفْعَالِهِ الْقَبِيحَةِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا أَخَفُّ) أَيْ مِنْ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ) خَصَّ الرَّاكِبَ وَاللَّيْلَ؛ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الْخَوْفِ أَكْثَرُ، وَإِلَّا فَمِثْلُ الرَّاكِبِ الْمَاشِي وَمِثْلُ اللَّيْلِ النَّهَارُ.

(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ لَمْ يَظُنَّ مِنْ حَالِ مَتْبُوعِهِ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ سَبَبُ سَفَرِهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَتْبُوعَهُ مُسَافِرٌ لِمَعْصِيَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ مَعَهُ وَلَا التَّرَخُّصُ بِتَقْدِيرِ سَفَرِهِ لِعِصْيَانِهِ بِهِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ التَّابِعُ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ الَّتِي سَافَرَ لِأَجْلِهَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ الْقَصْرُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيصَالِهِ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إيصَالِهِ وُقُوعُ الْمَعْصِيَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى احْتِمَالٍ) بِأَنْ شَكَّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِفِعْلِهَا كَذَلِكَ) أَيْ تَامَّةً.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ رَكْعَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ) أَيْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ) وَوُجِدَ بِبَعْضِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ فِي الْخَوْفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي،؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ فِيهِ يُؤْذِنُ بِالْحُرْمَةِ فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَهُ وَأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا يَقْصُرُ، وَأَشَارَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ الْقَصْرُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخْذَ بِعُمُومِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِي الْأَسِيرِ فَهُوَ مَقْهُورٌ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبٌ فِي مَعْصِيَةٍ أَصْلًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ عُمُومِ التَّابِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْهُورًا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقَعْ جَمِيعُهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، أَوْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ قَدْرُ رَكْعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ إلَخْ) لَفْظُ قِيلَ أَلْحَقَهُ الشَّارِحُ فِي النُّسَخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>