سُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ فَيَتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِهِ. لِذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْقِيَاسُ عَدَمُ انْتِهَاءِ سَفَرِهِ إلَّا بِدُخُولِهِ الْعُمْرَانَ أَوْ السُّورَ كَمَا لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنْقُولُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِتَحَقُّقِ السَّفَرِ وَتَحَقُّقُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا السَّفَرُ فَعَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَانْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ وَلَوْ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرٍ كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا مُرُورَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ لَا مِنْ بَلَدِ مَقْصِدِهِ وَلَا بَلَدَ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ كَمَا يَنْتَهِي فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
(وَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ الْمُسْتَقِلُّ وَإِنْ كَانَ مُحَارِبًا (إقَامَةَ) مُدَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) مَعَ لَيَالِيِهَا (بِمَوْضِعٍ) عَيَّنَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ (انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ) أَيْ بِوُصُولِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلْإِقَامَةِ، فَإِنْ نَوَاهَا وَقَدْ وَصَلَ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ وَخَرَجَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ، وَلَوْ أَقَامَهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا أَوْ نَوَى إقَامَةً وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ أَيْضًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْقَصْرَ بِشَرْطِ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ: أَيْ السَّفَرِ، وَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّ إقَامَةَ مَا دُونَ الْأَرْبَعِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ لِلْمُهَاجِرِ إقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ مَعَ حُرْمَةِ الْمُقَامِ بِهَا عَلَيْهِ وَأَلْحَقَ بِإِقَامَتِهَا نِيَّةَ إقَامَتِهَا» ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِوُصُولِهِ مَنْ خَرَجَ نَاوِيًا سَفَرًا طَوِيلًا ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْإِقَامَةُ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَلَهُ الْقَصْرُ مَا لَمْ يَصِلْهُ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ فَلَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِوُصُولِ مَا غَيَّرَ النِّيَّةَ إلَيْهِ، وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا مِنْ دُخُولِ بَعْضِ الْحُجَّاجِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَعَ عَزْمِهِمْ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ، هَلْ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ لِمَكَّةَ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ يَسْتَمِرُّ سَفَرُهُمْ إلَى رُجُوعِهِمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُقَالَ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقَصْرِ وَلَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ، وَإِنْ كَانَ لِوَطَنِهِ فَيَنْقَطِعُ التَّرَخُّصُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ وَبَعْدَهُ سَفَرٌ جَدِيدٌ فَيَقْصُرُ حِينَئِذٍ. وَأَقُولُ: مَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ طب وم ر بَعْدَ الْمُبَاحَثَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ لِوَطَنِهِ لَمْ يَتَرَخَّصْ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ انْتَهَى. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمَنْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَارًّا بِهِ) يَصْدُقُ بِمَا لَوْ حَاذَاهُ لَكِنْ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ وَكَانَ فِي رُجُوعِهِ مُتَّصِلًا بِبِرِّ أنبابة أَوْ مُتَّصِلًا بِبُولَاقَ وَسَكَنُهُ بِالْقَاهِرَةِ، وَفِيهِ بُعْدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي انْقِطَاعِ التَّرَخُّصِ بِالْمُحَاذَاةِ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهَا عُرْفًا، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَعْدَ وَطَنِهِ سَفَرًا مُبْتَدَأً، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ يَكُونُ مَا بَعْدَهُ سَفَرًا مُبْتَدَأً، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا) أَيْ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّفُ مِنْ الْقَافِلَةِ عَادَةً، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسَافِرًا جَدِيدًا بِمُجَاوَزَةِ مَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ بِالنِّيَّةِ لِوُضُوحِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ بِالْإِقَامَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ الْمُقَامِ بِهَا لَا عَلَيْهِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ قَبْلَ الْفَتْحِ انْتَهَى. عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَصْرُ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الرُّخَصِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِهِ لِذَلِكَ) أَيْ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ لِلرُّجُوعِ وَهُوَ غَيْرُ مَاكِثٍ، فَإِنْ كَانَ مَاكِثًا انْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَوْدِ فَلَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ مَا دَامَ مَاكِثًا حَتَّى يَشْرَعَ فِي الْعَوْدِ فَهُوَ حِينَئِذٍ سَفَرٌ جَدِيدٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي: وَمَنْ قَصْد سَفَرًا طَوِيلًا فَصَارَ ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا انْقَطَعَ، فَإِنْ سَافَرَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَارًّا بِهِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ وَصَلَ لِمَبْدَإِ سَفَرِهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ صِدْقِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُرُورُ مِنْ بَعِيدٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ