أَلْفِ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا.
وَالْهَاشِمِيَّةُ نِسْبَةٌ لِبَنِي هَاشِمٍ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ بَعْدَ تَقْدِيرِ بَنِي أُمَيَّةَ لَهَا لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخَرَجَ بِالْهَاشِمِيَّةِ الْأُمَوِيَّةُ، وَهِيَ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَالْمَسَافَةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ مِيلًا، إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهَا ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْمَنْصُوصُ وَمَا نُصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ، وَمِنْ كَوْنِهَا أَرْبَعِينَ غَيْرُ مُنَافٍ لِذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ بِالْأَوَّلِ الْجَمِيعَ وَبِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَبِالْآخِرِ وَبِالثَّالِثِ الْأُمَوِيَّةَ.
قُلْت: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَمُرَادُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ إفَادَةُ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ النَّوَوِيُّ، وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا (وَهُوَ) أَيْ السَّفَرُ الطَّوِيلُ (مَرْحَلَتَانِ) وَهُمَا سَيْرُ يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ لَيْلَةٍ عَلَى الِاعْتِدَالِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ بِلَا يَوْمٍ كَذَلِكَ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَصَلَاةٍ (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ وَدَبِيبُ الْأَقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ (وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) فِي اشْتِرَاطِ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ مَثَلًا) لِشِدَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ بِخُطْوَةِ الْبَعِيرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ؛ إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا الذِّرَاعُ قَدْرُهُ الْمَأْمُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُهَنْدِسِينَ، وَهُوَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ دُونَ ذِرَاعِ النَّجَّارِ وَالذِّرَاعِ الْهَاشِمِيِّ اهـ. وَلَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرُ الْقَدَمِ بِكَوْنِهِ قَدَمَ الْبَعِيرِ.
(قَوْلُهُ: لِبَنِي هَاشِمٍ) وَهُمْ الْعَبَّاسِيُّونَ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ كَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: الْأُمَوِيَّةُ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَنْسَابِ: الْأُمَوِيُّ بِالْفَتْحِ إلَى أَمَةَ بْنِ بَجَالَةَ ابْنِ زَمَانِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَالْأُمَوِيُّ بِالضَّمِّ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ انْتَهَى. قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ بَعْدَ ذِكْرِ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ: وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ انْتَهَى. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَمَةَ قَلِيلٌ وَالْكَثِيرُ هُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ، لَا أَنَّ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ لُغَتَيْنِ مُطْلَقًا فَمَا هُنَا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي) أَيْ كَوْنِهَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ الْأَوَّلِ: أَيْ الْمِيلِ الْأَوَّلِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ذَلِكَ) أَيْ قَالَ كَمَا قَالَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِالثَّالِثِ هُوَ كَوْنُهَا ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ.
(قَوْلُهُ: مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ) وَوَصَفَ الْيَوْمَيْنِ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِالِاعْتِدَالِ، وَأَطْلَقَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُتَّصِلَتَيْنِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُمَا قَدْرُ الْيَوْمَيْنِ أَوْ اللَّيْلَتَيْنِ الْمُعْتَدِلَتَيْنِ وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً انْتَهَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيَوَانَاتُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ الْجِمَالُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَلَكِنْ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَثْقَالِ الْجِمَالُ وَيَلْحَقُ بِهَا الْبِغَالُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي السَّيْرِ كَوْنُهُ عَلَى الْعَادَةِ: يَعْنِي فِي صِفَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بِالتَّأَنِّي وَلَا الْإِسْرَاعِ وَهُوَ غَيْرُ وَقْتِ النُّزُولِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَهُمَا قَيْدَانِ مُخْتَلِفَانِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي لَحْظَةٍ صَارَ مُقِيمًا، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَرَخُّصُهُ فِيهَا، قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُصُولِ الْمَقْصِدِ انْتِهَاءُ الرُّخْصَةِ لِكَوْنِهِ نَوَى فِيهِ إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْظَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَنِ الَّتِي تَسَعُ التَّرَخُّصَ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. أَقُولُ: وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَصْرَ بَعْدَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَعْدَ قَطْعِهَا لَا يَتَأَتَّى تَرَخُّصٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِ السَّفِينَةِ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَصِلُ إلَى مَقْصِدِهِ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَا قَطْعَ الْمَسَافَةِ بِالْفِعْلِ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَ أَنَّهُ بِهَذِهِ الْإِقَامَةِ يَتَبَيَّنُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ: وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِسَيْرٍ