للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَى إقَامَةً بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: النَّقْلُ لِمَعْصِيَةٍ يُنَافِي التَّرَخُّصَ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ هَذَا، وَلَوْ سَافَرَ سَفَرًا قَصِيرًا ثُمَّ نَوَى زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ فِيهِ إلَى صَيْرُورَتِهِ طَوِيلًا فَلَا تَرَخُّصَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَلِّ نِيَّتِهِ إلَى مَقْصِدِهِ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَيُفَارِقُ مَحَلَّهُ لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ بِالنِّيَّةِ وَيَصِيرُ بِالْمُفَارَقَةِ مُنْشِئَ سَفَرٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ نَوَى قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى سَفَرِ قَصْرٍ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ فَلَا قَصْرَ لَهُ لِانْقِطَاعِ كُلِّ سَفْرَةٍ عَنْ الْأُخْرَى.

(وَلَوْ) (كَانَ لِمَقْصِدِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ (طَرِيقَانِ) طَرِيقٌ (طَوِيلٌ) أَيْ مَرْحَلَتَانِ (وَ) طَرِيقٌ (قَصِيرٌ) لَا يَبْلُغُهُمَا (فَسَلَكَ الطَّوِيلَ لِغَرَضٍ) دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إبَاحَةِ الْقَصْرِ (كَسُهُولَةٍ) لِلطَّرِيقِ، أَوْ رُخْصِ سِعْرِ بِضَاعَةٍ، أَوْ زِيَارَةٍ، أَوْ عِيَادَةٍ (أَوْ أَمْنٍ) كَفِرَارٍ مِنْ الْمَكَّاسِينَ (قَصَرَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ الْمُبَاحُ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْغَرَضُ تَنَزُّهًا؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ انْضَمَّ لَهُ مَا ذُكِرَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا، أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ انْتَهَى. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَانَ غَرَضًا صَحِيحًا دَاخِلًا فِيمَا قَدَّمَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَلَكَهُ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ أَوْ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَلَا) يَقْصُرُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ طَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ فَكَانَ شَبِيهًا بِمَنْ سَلَكَ قَصِيرًا وَطَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ مَرْحَلَتَيْنِ. وَالثَّانِي يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ طَوِيلٌ مُبَاحٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ مَا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ فَسَلَكَ أَطْوَلَهُمَا وَلَوْ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِيهِ جَزْمًا، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ لِغَيْرِ الْقَصْرِ فَقَطْ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ حَرَامٌ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْقَصْرِ لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ غَيَّرَ النِّيَّةَ فِيهِ إلَى مَسَافَةٍ يَمْتَنِعُ مَعَهَا الْقَصْرُ لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً ابْتِدَاءً لَكِنَّهَا لَا تُنَافِي التَّرَخُّصَ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْ قَاصِدِهَا، وَكَذَا سُقُوطُ الْقَضَاءِ مَعَ التَّيَمُّمِ فِيهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ) عَوَّلَ عَلَى خَطِّهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ فِيهِ لُغَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْغَرَضُ تَنَزُّهًا) وَهُوَ إزَالَةُ الْكُدُورَةِ النَّفْسِيَّةِ بِرُؤْيَةِ مُسْتَحْسَنٍ يَشْغَلُهَا عَنْهَا اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّنَزُّهُ.

(قَوْلُهُ: انْضَمَّ لَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ وُجُودُ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ التَّنَزُّهِ هُنَا وَبَيْنَ التَّنَقُّلِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: كَالتَّنَزُّهِ هُنَا) أَيْ فَيَقْصُرُ.

(قَوْلُهُ: لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ طَبِيبٌ.

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْقَصْرِ فَقَطْ) وَفِي نُسْخَةٍ لِغَرَضِ الْقَصْرِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّنَزُّهَ بِذَاتِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَقْصُودٍ آخَرَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الثَّانِي مَا ذَكَرَ مِنْ فَرْقِ الشَّيْخِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ سَفَرٌ مُبَاحٌ وَقَدْ أَنَاطُوا التَّرَخُّصَ بِالسَّفَرِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَاقِي كَلَامِهِ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ قَبْلَ هَذَا مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِيُبِيحَ لَهُ الْقَصْرَ فَقَطْ لَمْ يَقْصُرْ، وَيَقْصُرُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَلَوْ تَنَزُّهًا. قَالَ الشَّارِحُ: بِخِلَافِ سَفَرِهِ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ كَمَا سَيَأْتِي، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاصِدَ فِي هَذَا غَيْرُ جَازِمٍ بِمَقْصِدٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْقَاصِدَ فِيهِ كَالْهَائِمِ بِخِلَافِهِ فِي التَّنَزُّهِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>