للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَصُبْحٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ مَغْرِبٍ أَوْ نَحْوِ عِيدٍ أَوْ رَاتِبَةٍ وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ السُّنَّةُ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ قَصْرِ مُعَادَةٍ صَلَّاهَا أَوَّلًا مَقْصُورَةً وَفَعَلَهَا ثَانِيًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا بِقَاصِرٍ، وَلَوْ لَزِمَ الْإِمَامَ الْإِتْمَامُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمَأْمُومِ نَفْسَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، إذْ مُتِمٌّ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي حَالِ التَّلَبُّسِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْإِتْمَامَ حَالَ الِاقْتِدَاءِ فَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَتَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْقَاصِرِ خَلْفَ مُتِمٍّ جَهِلَ الْمَأْمُومُ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْقَصْرِ، بِخِلَافِ الْمُقِيمِ لَوْ نَوَى الْقَصْرَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ صَارَ مُقِيمًا.

(وَلَوْ رَعَفَ) بِتَثْلِيثِ عَيْنِهِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ (الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ) الْقَاصِرُ (وَاسْتَخْلَفَ) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِرُعَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ رَدًّ اعَلَى أَبِي غَانِمٍ صَاحِبِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَأْوِيلِ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِعُذْرٍ وَهَذَا اسْتِخْلَافٌ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ لِتَكْثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الرُّعَافِ لَا يُبْطِلُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ الْعَفْوَ عَنْ الْكَثِيرِ أَيْضًا. وَفِي الْمَجْمُوعِ حِكَايَةُ مَا ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ، قَالَ الْبَكْرِيُّ: وَمَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ فِي دَمِ الرُّعَافِ غَيْرَهُ مِنْ الْفَضَلَاتِ خَيَالٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (مُتِمًّا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِهِ (أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ) الْمُسَافِرُونَ وَلَوْ لَمْ يَنْوُوا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُقْتَدِينَ بِهِ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُمْ سَهْوُهُ وَتَحَمَّلَ سَهْوَهُمْ. نَعَمْ لَوْ نَوَوْا فِرَاقَهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِ بِأَوَّلِ رُعَافِهِ أَوْ حَدَثِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: صَلَّاهَا أَوَّلًا مَقْصُورَةً) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الْأُولَى كَوْنُهَا مَقْصُورَةً؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى. لَا يُقَالُ: عَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ إعَادَتُهَا تَامَّةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ التَّمَامُ هُوَ الْأَصْلُ وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهُ عَلَى نِيَّتِهِ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ.

(قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْقَاصِرِ) أَيْ تَامَّةً، فَالْمُرَادُ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْقَصْرِ حَقِيقَةً لِاسْتِحَالَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً

(قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ) قَالَ ع: وَالضَّمُّ ضَعِيفٌ وَالْكَسْرُ أَضْعَفُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ) أَيْ وَهُوَ شَرْحُ الْوَسِيطِ لَهُ وَاخْتَصَرَ مِنْهُ الْجَوَاهِرَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَكْرِيُّ) أَيْ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ لَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَمُولِيُّ إلَخْ) أَيْ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ مَنْ ذَكَرَ، فَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ ذِكْرِهِ بَيَانُ خِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ الْخِلَافُ) مَقُولُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَرَّحَ) أَيْ الْقَمُولِيُّ، وَهَذَا أَوَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي أَصْلِ مَسْأَلَةِ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْإِنْسَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا فِي خُصُوصِ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ وَإِنْ تُوُهِّمَ، وَإِلَّا لَنَافَى قَوْلَهُ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ الْعَفْوَ عَلَى الْكَثِيرِ أَيْضًا: أَيْ فِي مُطْلَقِ دَمِ الْإِنْسَانِ كَمَا عَرَفْت: أَيْ وَالرُّعَافُ مُسْتَثْنًى لِمَا مَرَّ مِنْ الْعِلَّةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ فُهِمَتْ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ مُخْتَارَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ طِبْقَ مَا مَرَّ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَبَعًا لِوَالِدِهِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ كَلَامَ الْقَمُولِيِّ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُخَالِفِ لِاخْتِيَارِهِ، وَقَوْلُهُ: فِيهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ إلَخْ مِنْ بَابِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْقَمُولِيِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِ نَحْوَ الرُّعَافِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْعِلَّةِ مِنْ مُطْلَقِ دَمِ الْإِنْسَانِ، فَتَقْيِيدُهُ بِالْكَثِيرِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الْمَارَّةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالنَّوَوِيُّ رَجَّحَ الْعَفْوَ فِي دَمِ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا: أَيْ بِشَرْطِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>