للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالِ الْمُسَافِرِ أَنَّهُ نَوَاهُ (فَبَانَ مُقِيمًا) يَعْنِي مُتِمًّا وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَتَمَّ حَتْمًا، أَمَّا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا ثُمَّ مُقِيمًا أَوْ بَانَا مَعًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ حَقِيقَةً بَاطِنًا لِحَدَثِهِ (أَوْ) اقْتَدَى نَاوِيًا الْقَصْرَ (بِمَنْ جَهِلَ سَفَرَهُ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا (أَتَمَّ) لُزُومًا وَإِنْ بَانَ مُسَافِرًا قَاصِرًا لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا وَالْأَصْلُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِأَنْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ بَانَ مُقِيمًا أَتَمَّ وَإِنْ عَلِمَ حَدَثَهُ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ مَعَ تَبَيُّنِ حَدَثِ إمَامِهَا الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِلِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِصُورَةِ الْجَمَاعَةِ، بَلْ حَقِيقَتِهَا لِقَوْلِهِمْ إنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ جَمَاعَةً كَامِلَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ فِي إدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ عَنْهُ رُخْصَةٌ وَالْمُحْدِثُ لَا يَصْلُحُ لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ هُنَا (وَلَوْ عَلِمَهُ) أَوْ ظَنَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ كَثِيرًا وَيُرِيدُونَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (مُسَافِرًا وَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (فِي نِيَّتِهِ) الْقَصْرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَنَفِيٍّ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ فَجَزَمَ هُوَ بِنِيَّتِهِ الْقَصْرَ (قَصَرَ) إذَا بَانَ قَاصِرًا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَا تَقْصِيرَ فَإِنْ بَانَ مُتِمًّا أَتَمَّ.

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ عَمَّا لَوْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا وَلَمْ يَشُكَّ كَأَنْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا فِي دُونِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَلَهُ قَصْرُهَا

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا) أَيْ مِنْ ابْتِدَائِهِ الصَّلَاةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) غَايَةُ (قَوْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ) أَيْ الْإِمَامُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ مُقِيمًا) أَتَمَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اقْتَدَى قَبْلَ الْحَدَثِ بِمُتِمٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ حَقِيقَتُهَا) أَيْ بَلْ بِوُجُودِ حَقِيقَتِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهُ) الْأَوْلَى: أَيْ ظَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ كَثِيرًا إلَخْ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ ظَنَّهُ: بَلْ كَثِيرًا مَا يُرِيدُونَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ انْتَهَى. فَلَمْ يُجْعَلُ ذَلِكَ تَعْلِيلًا لِعَطْفِ الظَّنِّ، بَلْ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الظَّنَّ دَاخِلٌ فِي عِبَارَتِهِ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَنَفِيٍّ) وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِإِتْمَامِ إمَامِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ أَوْ لَا، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُهُ ثُمَّ إقَامَتُهُ لِعَدَمِ الْقُدْوَةِ حَقِيقَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَلَا يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ فِي تَبَيُّنِ الْحَدَثِ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ حَقِيقَةِ الْقُدْوَةِ وَهُنَا الْقُدْوَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ كَوْنِ الْعِبْرَةِ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ نَاسِيًا كَمَا مَرَّ عَنْ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ نِسْيَانُهُ أَوْ تَعَمُّدُهُ عَلَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ نِسْيَانِهِ هُنَا بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ مِنْهُ مَا فَعَلَهُ يَكُونُ لَغْوًا حَتَّى عِنْدَنَا.

(قَوْلُهُ: فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ الْقَصْرَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ خُرُوجًا مِنْ إيجَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِتْمَامَ فِي الثَّانِي انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَنْشَأَ الشَّكِّ هُنَا تَجْوِيزُ أَنَّ إمَامَهُ قَلَّدَ الشَّافِعِيَّ مَثَلًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ حَنَفِيًّا وَعَلَيْهَا فَلَا يُرَدُّ مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: قَصَرَ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا جَهِلَ سَفَرَ الْإِمَامِ كَانَ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ مَحْضَ التَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَصْرُ وَإِنْ عَلِمَ سَفَرَ إمَامِهِ، وَهُنَا لَمَّا عَلِمَ سَفَرَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ نِيَّةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: حَقِيقَةً بَاطِنًا) الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ حَذْفُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ ذَاهِلٌ عِنْدَ النِّيَّةِ عَنْ حَالَةِ الْإِمَامِ لَمْ تَخْطِرْ بِبَالِهِ لَكِنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ اعْتِبَاطًا (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِقَصِيرِهِ بِشُرُوعِهِ مُتَرَدِّدًا فِيمَا يَسْهُلُ كَشْفُهُ لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا، فَلَعَلَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ أَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بَلْ حَقِيقَتُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلِاكْتِفَاءِ لَا عَلَى مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ الْعَطْفَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ ظَنَّهُ بَلْ كَثِيرًا مَا يُرِيدُونَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، فَأَشَارَ إلَى جَوَابَيْنِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ حَنَفِيٍّ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ فِي أَقَلِّ مِنْ الثَّلَاثِ مُتَيَقِّنُ الْإِتْمَامِ وَفِيمَا فَوْقَهَا مُتَيَقِّنُ الْقَصْرِ فَلَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ غَيْرَ الْحَنَفِيِّ بِمَا إذَا كَانَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لِيَبْقَى الشَّكُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَبِالْأَوْلَى إذَا كَانَ فَوْقَ الثَّلَاثِ، لَكِنَّ الْمَوْجُودَ حِينَئِذٍ ظَنٌّ لَا شَكٌّ، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ حِينَئِذٍ الْقَصْرُ حُمِدَ لَهُ عَلَى الْكَمَالِ مِنْ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>