للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثِ مَرَاحِلَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ، وَيَتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا أَخْبَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِأَنَّ عَزْمَهُ الْإِتْمَامُ.

(وَلَوْ) (شَكَّ فِيهَا) أَيْ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ (فَقَالَ) مُعَلِّقًا عَلَيْهَا فِي نِيَّتِهِ (إنْ قَصَرَ قَصُرَتْ وَإِلَّا) بِأَنْ أَتَمَّ (أَتْمَمْت) (قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ) إنْ قَصْر وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُهَا عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ مَحَلَّ اخْتِلَالِ النِّيَّةِ بِالتَّعْلِيقِ مَا لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ.

وَالثَّانِي لَا يَقْصُرُ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُتِمًّا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ كُنْت نَوَيْت الْإِتْمَامَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ أَوْ نَوَيْت الْقَصْرَ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ الْإِمَامُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ احْتِيَاطًا.

(وَ) خَامِسُهَا نِيَّةُ الْقَصْرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَصَلَاةِ السَّفَرِ أَوْ الظُّهْرِ مَثَلًا رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ) لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَاحْتَاجَ لِصَارِفٍ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ بِنِيَّةٍ (فِي الْإِحْرَامِ) كَبَقِيَّةِ النِّيَّاتِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ طُرُوُّ الْجَمَاعَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا يُرْجَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْقَصْرِ لَا يُمْكِنُ طُرُوُّهُ عَلَى الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَمَا تَقَرَّرَ.

(وَ) سَادِسُهَا (التَّحَرُّرُ عَنْ مُنَافِيهَا) أَيْ نِيَّةِ الْقَصْرِ (دَوَامًا) أَيْ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي الْإِتْمَامِ فَضْلًا عَنْ الْجَزْمِ بِهِ كَمَا قَالَ (وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَمْ يُتِمُّ) أَتَمَّ (أَوْ) تَرَدَّدَ أَيْ شَكَّ (فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ أَمْ لَا) (أَتَمَّ) وَلَوْ تَذَكَّرَ حَالًا أَنَّهُ نَوَاهُ لِتَأْدِيَتِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ حَالَ تَرَدُّدِهِ عَلَى التَّمَامِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمٌ لِمَنْ أَحْرَمَ قَاصِرًا لَا قَسْمَ مِنْهُ رُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ قَاصِرًا فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِمَا لَا يُسَوِّغُ جَعْلَهُ قِسْمًا وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَلَمْ يُصَدِّرْهُمَا بِالْفَاءِ. قَالَ الشَّارِحُ لِضَمِّهِ إلَيْهِمَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ اخْتِصَارًا فَقَالَ (أَوْ) (قَامَ) عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ (إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (هَلْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقَصْرِ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَى أَصْلٍ رَاجِحٍ وَهُوَ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَاكْتُفِيَ بِهِ وَصَارَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا عَلَى قَصْرِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ عَزْمَهُ الْإِتْمَامُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْإِتْمَامُ وَإِنْ قَصَرَ إمَامُهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ تَامَّةً لِظَنِّهِ إتْمَامَ إمَامِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ: أَيْ بِحَدَثٍ مَثَلًا، ثُمَّ إنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ مِنْ صَلَاتِهِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِنِيَّةِ الْقَصْرِ أَوَّلًا، فَإِنَّ قِصَرَ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْإِخْبَارَ بُنِيَ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَإِنْ طَالَ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ) أَيْ كَأَنْ اقْتَدَى بِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الْإِحْرَامَ وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ الْقَصْرَ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَذَهَبَ إلَى سَبِيلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا) غَيْرُ الِانْفِرَادِ يُرْجَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ فِي النِّيَّةِ فَيَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَيَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ انْتَهَى وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ لحج

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَذَكَّرَ) غَايَةُ (قَوْلِهِ لِتَأْدِيَتِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى لَيْسَ فِيهَا شَكٌّ فِي النِّيَّةِ، لَكِنَّ تَرَدُّدَهُ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ مُنَافٍ لِلْجَزْمِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ.

(قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ) الْأَوْلَى عَطَفَهُ عَلَى تَرَدَّدَ؛ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى أَحْرَمَ يُصَيِّرُ التَّقْدِيرَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ قَاصِرًا بَلْ أَحْرَمَ مُتِمًّا وَقَامَ إمَامُهُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ الْمَعْطُوفِ بِأَوْ نَقِيضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ قَامَ إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ نَوَى إلَى آخِرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُشْكِلُ جَعْلُ هَذِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْجَوَابَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِضَمِّهِ إلَيْهَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ) فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَقْفَةٌ، فَإِنَّ التَّرَدُّدَ قَائِمٌ فِيهِ بِالْمُقْتَدِي وَهُوَ مُنَافٍ لِنِيَّةِ الْقَصْرِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ التَّرَدُّدَ هُنَا فِي فِعْلِ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ التَّرَدُّدِ قَائِمًا بِالْمُقْتَدِي، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ تَوْجِيهِ كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>