للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُمُعَةً فِي كَلَامِهِ بِالنَّصْبِ لِفَسَادِ الرَّفْعِ، وَالْفَاءُ هِيَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ، وَرُجِّحَ بَلْ أُفْسِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِشُمُولِهِ الْقَضَاءَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ، وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهْرِ الْأَعَمُّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِهَا وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ظُهْرُ يَوْمِهَا كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

(فَلَوْ) (ضَاقَ) الْوَقْتُ (عَنْهَا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُ خُطْبَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ احْتِمَالًا (صَلَّوْا ظُهْرًا) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ لِلْإِتْمَامِ، فَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ وَقْتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؟ وَرَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ حَالًا أَوْ غَدًا؟ الْأَرْجَحُ الثَّانِي (وَلَوْ خَرَجَ) الْوَقْتُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (وَهُمْ فِيهَا) فَاتَتْ وَ (وَجَبَ الظُّهْرُ) سَوَاءٌ أَصَلَّوْا فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً أَمْ لَا، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَهُ فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ كَالْحَجِّ يَتَحَلَّلُ فِيهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَإِلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ كَدَارِ الْإِقَامَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كُلُّ شَرْطٍ اُخْتُصَّ بِالْجُمُعَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَلْ سُنَّتُهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ صَلَّى جُمُعَةً مُجْزِئَةً وَتَرَكَ سُنَّتَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ تُقْضَ أَوَّلًا بَلْ يَقْضِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَرْضُهَا الْقَضَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا: إحْدَاهُمَا تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقْضَى: أَيْ سُنَّةُ جُمُعَةٍ انْتَهَى. وَنَقَلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَثَلًا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَدَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: وَجُمُعَةً فِي كَلَامِهِ بِالنَّصْبِ) أَيْ عَلَى الْحَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الرَّفْعِ) لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً وَلَا ظُهْرًا. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الرَّفْعُ عَلَى مَا قِيلَ وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْآتِيَ بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَأَنَّ الرَّفْعَ فِي قَوْلِهِ جُمُعَةً صَحِيحٌ لِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَتْ قَضَاءً عَنْهَا انْتَهَى

(قَوْلُهُ: فَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ وَقْتِهَا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ الِاسْتِوَاءُ أَوْ مَعَ رُجْحَانِ الْخُرُوجِ فَإِنْ ظَنَّ الْبَقَاءَ فَتَبْقَى الْجُمُعَةُ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّنُّ نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ) أَيْ فَلَوْ أَحْرَمَ ظَانًّا خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ سَعَتُهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الظُّهْرِ فَرْضًا وَوَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظُهْرٌ آخَرُ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَيُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فَعَلَهَا وَإِلَّا قَضَى الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي) أَيْ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ وَهَذَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ. وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا لَكِنَّهُ طَوَّلَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَا يَسَعُهَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا جُمُعَةً، وَهَلْ تَنْعَقِدُ ظُهْرًا أَوْ نَفْلًا مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَوْجَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَوْجَهُ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُهَا: أَيْ جُمُعَةً: أَيْ وَيَقْبَلُهَا ظُهْرًا فَتَنْعَقِدُ ظُهْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَحْرَمَ بِهَا فِيمَا لَا يُقْبَلُ ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً، وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّهُمْ لَوْ شَكُّوا فِيهِ وَجَبَتْ نِيَّةُ الظُّهْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) لَعَلَّهُ غَايَةٌ لِيَسَعَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ شَرْطٍ اُخْتُصَّ بِالْجُمُعَةِ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ مَعَ الِاخْتِصَاصِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِافْتِتَاحِهَا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ افْتِتَاحُ الْإِمَامِ قَبْلَ انْعِقَادِ الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا وُقُوعُهَا فِي افْتِتَاحِ صَلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>