فِي افْتِتَاحِهَا يَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ إلَى تَمَامِهَا (بِنَاءً) عَلَى مَا فَعَلَ مِنْهَا فَيُسِرُّ بِقِرَاءَتِهِ مِنْ حِينَئِذٍ.
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِلظُّهْرِ وَإِتْمَامُهَا ظُهْرًا بِنَاءٌ مُتَحَتِّمٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّهُمْ إنْ شَاءُوا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ شَاءُوا قَلَبُوهَا نَفْلًا وَاسْتَأْنَفُوا الظُّهْرَ. وَقَالَ: إنَّ الْأَشْبَهَ فَرْضُ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ لَا تَحَتُّمُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، وَهَلْ نَقُولُ الْبِنَاءُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ إبْطَالِهَا أَوْ الِاسْتِئْنَافُ لِتَصِحَّ ظُهْرُهُ وِفَاقًا؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَحِينَئِذٍ يُقَلِّبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الظُّهْرَ انْتَهَى. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ الْبِنَاءِ إنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ فَجَازَ بِنَاءُ أَطْوَلِهِمَا عَلَى أَقْصَرِهِمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ مَعَ السَّفَرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، نَعَمْ يَجِبُ الْبِنَاءُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الظُّهْرِ أَوْ اُسْتُؤْنِفَتْ اهـ. قُلْت: كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي مَسْأَلَتِنَا إذْ صُورَتُهَا أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا فَتَأَمَّلْ (وَفِي قَوْلٍ اسْتِئْنَافًا) فَيَنْوِي الظُّهْرَ حِينَئِذٍ وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا أَوْ تَبْطُلُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوَّلُهُمَا، وَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ بِخُرُوجِهِ فَفِي فَوْتِهَا احْتِمَالَانِ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ، أَوْجُهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فَوْتُهَا عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ.
(وَ) أَمَّا (الْمَسْبُوقُ) الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَهُوَ (كَغَيْرِهِ) فِيمَا مَرَّ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ظُهْرًا (وَقِيلَ يُتِمُّهَا جُمُعَةً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَوْ سَلَّمُوا مِنْهَا أَوْ الْمَسْبُوقُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى خَارِجَ الْوَقْتِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِخُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَالسَّلَامِ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ عَمْدًا، فَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا لِعُذْرِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْوَقْتُ فِيمَا يَتَدَارَكُهُ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْعَدَدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا يَسَعُهَا فَالْوَقْتُ قَابِلٌ لَا لِلْجُمُعَةِ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا كَفَوَاتِ الْعَدَدِ وَنَحْوِهِ وَقَعَتْ ظُهْرًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الظُّهْرِ) قَضِيَّةُ نَفْيِ الِاحْتِيَاجِ جَوَازُ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ اسْتِئْنَافَ الظُّهْرِ يُصَيِّرُهُ قَضَاءً مَعَ إمْكَانِ وُقُوعِهِ أَدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ نَقُولُ إلَخْ) مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) يُتَأَمَّلُ مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي أَنَّهُ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ قُلْت إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا فَتَأَمَّلْ) أَيْ فَلَعَلَّ كَلَامَهُمَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ فَاتَ شَرْطٌ يَخْتَصُّ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَأَنْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَوْنُهَا جُمُعَةً وَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا، وَيُقَالُ: الْأَفْضَلُ اسْتِئْنَافُهَا حِينَئِذٍ ظُهْرًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ بِأَنَّ طَائِفَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ بِدُونِ رَكْعَةٍ وَلَا بِهَا بِدُونِ تَشَهُّدٍ أَوْ سَلَامٍ، فَيُحْتَمَلُ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا فَيُتِمُّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، وَيُحْتَمَلُ انْقِلَابُهَا مِنْ الْآنِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَيَخُصُّ كَوْنَ الصَّلَاةِ لَا تَكُونُ بِدُونِ تَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ بِالِاخْتِيَارِ وَهَذِهِ لِلْعُذْرِ فِيهَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) أَيْ وَسَجَدُوا لِلسَّهْوِ لِفِعْلِهِمْ مَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْعَدَدُ) قَدْ يُقَالُ: لَمْ يُحَطَّ الْعَدَدُ عَنْ الْمَسْبُوقِ لِأَنَّ مَعْنَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَانْفِرَادُ
[حاشية الرشيدي]
الْمَأْمُومِينَ فَإِنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ تَقَدُّمِ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ الْمُشْتَرَطِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَرْضُ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ: يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ: بَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ: أَيْ مَعَ الِاسْتِئْنَافِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ وَالضَّمِيرُ فِي لَفْظِهِ لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ) يَعْنِي آخِرَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ الْغَزِّيِّ وَإِلَّا فَصَدْرُ كَلَامِهِمَا مُتَأَتٍّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute