للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِرِعَايَةِ الْوَقْتِ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الِانْفِضَاضِ الْمُخِلِّ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِ فِي فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَارِجَ الْوَقْتِ وَبِدَلِيلِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا وَحُرْمَةِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيهِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ، وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ وَحْدَهُ فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ لِأَنَّ سَلَامَهُمْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَتَمَّتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ فَأَخَّرُوا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْزَمَ فِيهَا صِحَّةُ جُمُعَتِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ أَوْجَهُ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ.

(الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ) (تُقَامَ فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ) التَّعْبِيرُ بِهَا لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ إذَا كَثُرَ فِيهِ عَدَدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْطَانِ الْمُجَمِّعِينَ) لِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: أَيْ الْمُصَلِّينَ لَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَبْنِيَّةً لِطِينٍ أَوْ قَصَبٍ أَمْ سَعَفٍ أَمْ غَيْرِهَا أَمْ أَسْرَابًا وَهِيَ بُيُوتٌ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَسْبُوقِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِعَدَمِ سَلَامِ الْإِمَامِ كَانْفِرَادِ الْمُوَافِقِ لَوْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَطَوَّلَ فِي قِرَاءَتِهِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُضِرٍّ، وَالْمُوَافِقُ وَالْمَسْبُوقُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ تَابِعًا) أَيْ الْمَسْبُوقُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ ثُمَّ إنْ سَلَّمُوا عَالِمِينَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا إنْ عَلِمُوا بِالْحَالِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْجَوَابِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ حَيْثُ نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعِينَ.

(قَوْلُهُ: فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ أَرْضٌ يَخْتَطُّهَا الرَّجُلُ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ فِي خِطَّةٍ إلَخْ: لَوْ أَحْرَمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ خَارِجَ الْخِطَّةِ بِالظُّهْرِ وَأَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ دَاخِلَ الْخِطَّة أَرْبَعُونَ مُقْتَدُونَ فَهَلْ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ أَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ بِالْجُمُعَةِ فِي قَرْيَتِهِمْ مُقْتَدِينَ بِإِمَامِ جُمُعَةٍ أُخْرَى تُقَامُ بَقَرِيَّة أُخْرَى بِقُرْبِ قَرْيَتِهِمْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِي الصُّورَتَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي صِحَّتُهَا فِيهِمَا انْتَهَى. وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَمْ أَسْرَابًا) فِي جَعْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبِنَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إمَّا بِجَعْلِهِ بِنَاءً تَجَوُّزًا أَوْ بِإِطْلَاقِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا، وَعِبَارَةُ حَجّ التَّعْبِيرُ بِالْبِنَاءِ وَبِالْجَمْعِ لِلْغَالِبِ، إذْ نَحْوُ الْغِيرَانِ وَالسَّرَادِيبِ فِي نَحْوِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَلَامَهُمْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ بِتَسَبُّبِهِ بِالتَّأْخِيرِ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ سَلَامِ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ هُوَ وَقَعَتْ جَمِيعًا فِي الْوَقْتِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ غَيْرِ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ جُمُعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَصِحُّ مَعَ الْمُحْدِثِ فِي الْجُمْلَةِ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ خَارِجَ الْوَقْتِ، فَكَانَ ارْتِبَاطُهَا بِهِ أَتَمَّ مِنْهُ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ مَعَ اتِّسَاعِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَأَخَّرُوا إلَخْ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا لِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>