للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ فَلَا تَنْعَقِدُ بِدُونِهِمْ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي الْمَدِينَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ نَقِيعُ الْخَضِمَاتِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ، وَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» وَلِقَوْلِ جَابِرٍ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ «فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ إمَامًا، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ جُمُعَةً» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ كَقَوْلِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ» .

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ» وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ أَوْ عَوْدُ غَيْرِهِمْ مَعَ سَمَاعِهِمْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، أَمَّا فِيهَا فَيُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِيُحْرِمَ الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ وَيَقِفَ الزَّائِدُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأَوَّلَيْنِ وَشَرْطٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (مُكَلَّفًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا (حُرًّا) كُلَّهُ (ذَكَرًا) فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكُفَّارِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَبِالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِنَقْصِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ فَإِنَّهَا إنَّمَا لَمْ تَجِبُ عَلَيْهِ رِفْقًا بِهِ لَا لِنَقْصِهِ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ، وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ تَقْصِيرُهُمْ لَا ارْتِبَاطُ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَرْضِ، فَإِنَّ عُمُومَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانُوا صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَعَادَهَا فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا يَأْتِي عَلَى النَّفْلِ الْمَحْضِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ حَيْثُ جَوَّزَ حُصُولَ الْجُمُعَةِ لَهُ فِي بَلَدٍ تَعَدَّدَتْ فِيهِ فَوْقَ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُ رَاتِبَتِهَا السَّابِقَةِ: أَيْ دُونَ الْمُتَأَخِّرَةِ، ثُمَّ إنْ حَصَلَتْ لَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَقَعَتْ الرَّاتِبَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَفَعَلَ الظُّهْرَ بِرَوَاتِبِهَا الْقَبَلِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ جَابِرٍ مَضَتْ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، وَحَدِيثُ إذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا إلَخْ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَحَدِيثُ لَا جُمُعَةَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَى الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فَيُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ) أَيْ بَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ) أَيْ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، وَأَحْرَمَ بِالْأَرْبَعِينَ، فَالِانْفِضَاضُ كَانَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (قَوْلُهُ: لِارْتِبَاطِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ كَانُوا بِحَيْثُ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ فِي نَفْسِهِمْ بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرُوا فِي التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَصَّرُوا فَصَلَاتُهُمْ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ حِينَئِذٍ بِالِارْتِبَاطِ، لَكِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ إذْ مَا هُنَا إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صُيِّرَتْ إلَى آخِرِ عِبَارَتِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ إلَّا قَوْلَ الشَّارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَّرُوا فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ، وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَمْلٌ لَا يَقْبَلُهُ الْكَلَامُ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ. انْتَهَى.

وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>