للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صَيَّرَتْ بَيْنَهُمْ ارْتِبَاطًا كَالِارْتِبَاطِ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ شَرْطَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَسْمَعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَحَنَفِيٍّ، صَحَّ حُسْبَانُهُمْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَإِنْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَمَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لَنَا مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَوَقِّيهِ الْخِلَافَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا فَلَا يُحْسَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا، وَفِي الْخَادِمِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَهُوَ دَالٌ لِمَا تَقَرَّرَ (مُسْتَوْطِنًا) بِمَحَلِّهَا وَالْمُسْتَوْطِنُ هُنَا مَنْ (لَا يَظْعَنُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ فَلَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا نِدَاءَهَا لِفَقْدِ إقَامَتِهِمْ بِمَحَلِّهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا تَقَدُّمُ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ عَلَى إحْرَامِ النَّاقِصِينَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْأُمِّيِّينَ إذْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ بِبَلَدٍ بِأَهْلِهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي بَلَدِهِ كَمَوْتِ خَطِيبِهَا أَوْ إمَامِهَا مَثَلًا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلِّ سَكَنِهِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ انْعَقَدَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَطَنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ) وَعَلَيْهِ فَالسَّاكِنُ خَارِجَ السُّورِ لَا تَنْعَقِدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْعِلَّةُ هَذَا التَّقْصِيرَ كَمَا مَرَّ فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِتَقْصِيرِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ أَمْ دَرَجَاتٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِارْتِبَاطَ كَمَا عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ إلَخْ، فَمَا وَجْهُ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِيمَا مَرَّ التَّقْصِيرَ وَهُنَا الِارْتِبَاطَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِخُصُوصِ قَوْلِهِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَمَرّ إلَخْ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الِارْتِبَاطُ الْمَذْكُورُ لَا التَّقْصِيرُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَقَدْ قَالَ عَقِبَ هَذَا التَّعْلِيلِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ أَنْ يُقَصِّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَأَنْ لَا، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ قَوِيٍّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِارْتِبَاطِ الْمَذْكُورِ، عَلَى أَنَّ الْمُقَصِّرَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدِّ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِلَّا فَالْإِعَادَةُ لَازِمَةٌ لَهُ، وَمَنْ لَزِمَتْهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدَدِ. انْتَهَى.

وَالشَّارِحُ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِيمَا مَرَّ وَجَعَلَ الْعِلَّةَ التَّقْصِيرَ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ تَبَعًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ بِالْأُمِّيِّينَ تَقْصِيرُهُمْ الْمُوجِبُ لِعَدَمِ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ، فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ إغْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقَضَاءِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ.

وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ إلَخْ، وَعَدَلَ عَنْهَا الشَّارِحُ إلَى مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ التَّقْصِيرَ فَيُعْلَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِلْجَامِعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

فَإِنْ قُلْت: يُنَاقِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ حَدَثُ بَعْضِ الْعَدَدِ انْعَقَدَتْ لِلْإِمَامِ وَلِلْبَاقِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ.

قُلْت: لَا يُنَاقِضُهُ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا فِيمَا إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِالْحَالِ فِي حَالِ الِاقْتِدَاءِ وَالصُّورَةُ فِيمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَشَمِلَ مَا ذَكَرَهُ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ صَحِيحَةً كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، وَكَالْمُتَيَمَّمِ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>