للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى عَصْرِنَا، فَلَا يُجْزِئُ الشُّكْرُ وَالثَّنَاءُ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا الْمَدْحُ وَالْجَلَالُ وَالْعَظَمَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَفْظُ الْحَمْدِ مُعَرَّفًا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، فَيَكْفِي نَحْمَدُ اللَّهَ وَأَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ وَاَللَّهَ أَحْمَدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيقَةِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ لِلَّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَادَّعَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْحَمْدِ بِاللَّامِ، وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ، فَلَا يَكْفِي الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا الْمُتَعَيِّنُ صِيغَةُ صَلَاةٍ عَلَيْهِ كَأُصَّلِي أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الرَّسُولِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ، فَخَرَجَ رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوِهَا، وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ يَكْفِي هُنَا.

وَسُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّك عَبْدِي وَرَسُولِي» قِيلَ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَرَدَ لِأَنَّهُ تَفَرُّدٌ صَحِيحٌ. وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ فِيهَا صَلَاةٌ لِأَنَّ اتِّفَاقَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى التَّصْلِيَةِ فِي خُطَبِهِمْ دَلِيلٌ لِوُجُوبِهَا، إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا اهـ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا فَعَلَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ حَجّ السَّابِقُ وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ فِيمَا صَلَاةٌ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا دُونَ أَنْ يَقُولَ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجْعَلُ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ تَفْسِيرًا لِلِاتِّبَاعِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي فِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الَّذِي إلَخْ إشَارَةٌ لِحَمْلِ فِعْلِهِ الْوَارِدِ عَنْهُ عَلَى الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهَ أَحْمَدُ) أَيْ أَوْ اللَّهَ نَحْمَدُ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ اللُّبَابِ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعُجَابِ وَكِلَاهُمَا لِمُصَنِّفِ الْحَاوِي، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ لُبَابُ الْمَحَامِلِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَنِّي حَامِدٌ لِلَّهِ وَإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ أَوْ أَنَّ لِلَّهِ الْحَمْدَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حُرُوفِ الْحَمْدِ وَمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ) سَأَلَ سَائِلٌ: لِمَ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْجَلَالَةِ فِي صِيغَةِ الْحَمْدِ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ اسْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِيغَةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَفَى نَحْوُ الْمَاحِي وَالْحَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةً تَامَّةً، فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى، وَيُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرَ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ) أَيْ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ حَجّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا تَكْفِي حَيْثُ نَوَى بِهَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُحْتَاجُ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ عَيَّنُوا فِيهَا مَا وَرَدَ، وَالْخُطْبَةُ لَمَّا تُوَسِّعُوا فِيهَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهَا مَا وَرَدَ فِيهَا بِخُصُوصِهِ بَلْ اكْتَفَوْا بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَاقِبِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَنَحْوُهَا مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ انْتَهَى. وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْكَافِ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ) أَيْ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: يَكْفِي هُنَا) بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الصِّيَغِ يَكْفِي هُنَا، وَلَا يَكْفِي فِي التَّشَهُّدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ.

(قَوْلُهُ: يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِيِّ لِلْحَافِظِ الْعَسْقَلَانِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ) فِي أَخْذِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْمُحْتَرَزَاتِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيقَةِ) أَيْ عَلَى الْحَاوِي، فَالْمُرَادُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَاوِي إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْكَبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>