نَعَمْ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيِّنٌ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَلَوْ مَعَ تَقَدَّمَ ذِكْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ بِالصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ شَرْعًا.
(وَ) الثَّالِثُ (الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْخُطْبَةِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا، فَيَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الْمَوْعِظَةِ وَلَوْ قَصِيرًا نَحْوَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ فِيهَا عَلَى تَحْذِيرٍ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الطَّاعَةِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعُ الْوَصِيَّةِ وَالتَّقْوَى، فَلَا يُنَافِيهِ مَا حُكِيَ الْقَطْعُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ لَفْظِ التَّقْوَى (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ) الْأَرْكَانُ الْمَذْكُورَةُ (أَرْكَانٌ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْخُطْبَتَيْنِ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِانْفِصَالِ كُلِّ خُطْبَةٍ عَنْ الْأُخْرَى.
(وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا نَصُّهُ: وَلِلْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. نَعَمْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ لَمَّا خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ وَبِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ) لَمَّا كَانَ الْوَهْمُ رُبَّمَا يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهَا نَحْوُهَا فِي الْمَادَّةِ أَوْ الْمَعْنَى فَيَكُونُ مَا لَمْ يُشَارِكْهَا فِي الْمَعْنَى أَوْ الْمَادَّةِ غَيْرَ كَافٍ، وَإِنْ وَرَدَ دَفْعُ هَذَا التَّوَهُّمِ حَجّ بِتَعَيُّنِ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: إجْزَاءُ الضَّمِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الطَّاعَةِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَكْفِ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا لِلُزُومِ الْآخَرِ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّاعَةِ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ) هَلْ يُجْزِئُ مَعَ لَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عَاجِزٍ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُصَلِّي الَّذِي لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْحَمْدَ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ وَقَفَ بِقَدْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بَلْ يَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ بِلَا بَدَلٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَكُلِّهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ آخَرُ يُحْسِنُهَا كُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
[فَرْعٌ] مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوِ الرَّاتِبَةِ أَوْ صَلَّى فَائِتَةً بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَيْنِ م ر، ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ: لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ لَا صَلَاةَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسْجِدًا صَلَّى التَّحِيَّةَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً أَوْ نَحْوَ فَائِتَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا جَلَسَ وَلَا صَلَاةَ مُطْلَقًا اهـ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا مَنْعُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الرَّاتِبَةِ وَالسُّكُوتُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ.
[فَرْعٌ] هَلْ تَوَابِعُ الْخُطْبَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَهَا حُكْمُ الْخُطْبَةِ فِي امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَفِي حُرْمَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَوَّلًا لِانْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ بِانْقِضَاءِ أَرْكَانِهَا. ذَهَبَ شَيْخُنَا حَجّ إلَى الثَّانِي،
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .