لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَلَا قَرِينَةَ حُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْأَرْجَحِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْآيَةُ وَعْدًا أَمْ وَعِيدًا أَمْ حُكْمًا أَمْ قِصَّةً. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ آيَةٍ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْبُوَيْطِيِّ: وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] فَلَا يَكْفِي بِهَا وَإِنْ كَانَتْ آيَةً لِعَدَمِ إفْهَامِهَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. نَعَمْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ (فِي إحْدَاهُمَا) إذْ الثَّابِتُ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَنْسُوخِ الْحُكْمِ وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى بَعْدَ فَرَاغِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِرَاءَةُ " ق " فِي الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُجْزِي آيَاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا: أَيْ مَا عَدَا الصَّلَاةَ هُنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً، فَإِنْ أَتَى بِالْحَمْدِ مَثَلًا ضِمْنَ آيَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا، فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا، وَتَضْمِينُ الْآيَاتِ لِنَحْوِ الْخُطَبِ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوَاعِظِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِي الْأُولَى) فَلَا تَكْفِي فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقِيلَ لَا تَجِبُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ وَقَرِيبٌ، وَذَهَبَ إلَيْهِ م ر وَيُؤَيِّدُهُ وِفَاقًا أَنَّهُ لَوْ طَالَتْ التَّوَابِعُ لَمْ يُقْطَعْ الْوَلَاءُ الْمُشْتَرَطُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ حُكْمَهَا لَقُطِعَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْخُنَا الْقَطْعَ عِنْدَ الطُّولِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ: وَلَا أَيْ وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَ الدُّعَاءِ لِلْمُلُوكِ عَلَى مَا فِي الْمُرْشِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا احْتَمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْ حُكْمًا) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ) وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ آيَةً عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ وَغَيْرَ آيَةٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ، فَهَلْ تَكْفِي لِأَنَّهَا آيَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ الْأَوَّلِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِفْهَامِ حَاصِلٌ بِهَا عِنْدَهُمْ أَوْ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ آيَةٍ عِنْدَ الْبَعْضِ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا بَعْضٌ لَا يَنْفِي أَنَّهُ حَصَلَ بِهَا الْإِفْهَامُ وَبَعْضُ الْآيَةِ كَافٍ. نَعَمْ يَأْتِي التَّرَدُّدُ فِيهِ عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْآيَةِ لَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَقْرَبُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ) أَشْعَرَ هَذَا التَّقْدِيرُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي قِرَاءَةُ بَعْضِهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَنْهَجَ وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا خِلَافُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا فِي الْمَنْهَجِ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِ بِتَعَيُّنِهَا فِي الْأُولَى أَوْ بِقِرَاءَةِ آيَتَيْنِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْآيَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَتَى بِهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ (قَوْلُهُ: بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ " ق ") أَيْ بِتَمَامِهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى: أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى بَدَلَ الْآيَةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ تُسَنُّ بَعْدَ فَرَاغِهَا: أَيْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى سُورَةُ " ق " دَائِمًا لِلِاتِّبَاعِ، وَيَكْفِي فِي أَصْلِ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَصَدَ الْحَمْدَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْإِطْلَاقِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزِّيَادِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ) أَيْ مَا قَرَأَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) بَلْ قَالَ حَجّ: إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ: وقَوْله تَعَالَى) الْمُرَادُ: هُنَا إتْيَانُهُ بِالْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ فَلَوْ عَبَّرَ بِفِعْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ تَقْيِيدَ الْآيَةِ بِالْمُفْهِمَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ فَأَخَذَ هَذَا مَفْهُومًا لَهُ أَوْ أَنَّهُ قَيْدٌ، وَأَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ لِهَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute