للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، إذْ الْإِنْصَاتُ السُّكُوتُ، وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ. .

وَلَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ مَكْرُوهًا لِمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، إذْ الْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ عَلَى نَحْوِ قَاضِي الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْهُ وَمَعَهُ سَفَهٌ وَقِلَّةُ مُرُوءَةٍ فَلَا يُلَائِمُهُ إيجَابُ الرَّدِّ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُلَائِمُهُ لِأَنَّ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلَا إشْكَالَ.

وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ كَسَائِرِ الْكَلَامِ لِأَنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ.

وَكُرِهَ تَحْرِيمًا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ تَنَفُّلٌ مِنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ عِبَادَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ فَارَقَتْ الصَّلَاةُ الْكَلَامَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ لَا يُعَدُّ إعْرَاضًا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَيْضًا فَمِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي الْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَى صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَيْضًا فَقَطْعُ الْكَلَامِ هَيِّنٌ مَتَى ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بَلْ لَوْ أَمِنَ فَوَاتَ ذَلِكَ كَانَ مُمْتَنِعًا أَيْضًا خِلَافًا لِمَا فِي الْغُرَرِ الْبَهِيَّةِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ هُنَا، وَيُمْنَعُ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ صَلَاةً وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ، وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ فَالْإِطَالَةُ كَالْإِنْشَاءِ، وَمَتَى حُرِّمَتْ الصَّلَاةُ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ عَدَمُ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ بَلْ أَوْلَى، بَلْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَاسِ سَبَبِهَا أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَهَا فَرْضًا لَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مَضِيقًا وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالنَّافِلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيُسْتَثْنَى التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَالْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَى مَا يَصْعُبُ اسْتِمَاعُهُ وَإِدْرَاكُهُ كَالسَّبِّ وَالصَّوْتِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصَّمْتُ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ» .

(وَلَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعٍ) وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَدَّ نِسْيَانُهُ لِمَا هُوَ فِيهِ عُذْرًا فِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلِطَ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَمِعِ، وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ التَّشْمِيتُ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَحْرِيمًا إلَخْ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَتَوَابِعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم أَنَّ الشَّارِحَ ذَهَبَ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا صَلَاةُ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَلَوْ فِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ اهـ. وَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوَابِعِ لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ) أَمَّا بَعْدَ الصُّعُودِ وَقَبْلَ الْجُلُوسِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ) أَيْ الْكَلَامِ وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ: الْغُرَرِ الْبَهِيَّةِ) مُرَادُهُ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ) قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مَضِيقًا) أَيْ فَلَا يَفْعَلُهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَعَادَ إلَيْهِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ يَقْصِدُ التَّحِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا كَفَائِتَةٍ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ.

[فَرْعٌ] مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ م ر ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ: لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ لَا صَلَاةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسْجِدًا صَلَّى التَّحِيَّةَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً أَوْ نَحْوَ فَائِتَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا جَلَسَ وَلَا صَلَاةَ مُطْلَقًا اهـ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا مَنْعُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ الرَّاتِبَةِ وَالسُّكُوتُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَفِيهِ: لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ قَضَاءً قَبْلَ الْجُلُوسِ ثُمَّ جَلَسَ وَقَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرُوا بِالتَّنَفُّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>