غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» وَقِيسَ بِالْغُسْلِ الْوُضُوءُ. .
وَقَوْلُهُ وَمَنْ حَمَلَهُ: أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ (وَ) غُسْلُ (الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا) أَيْ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُمَا إنْزَالٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُوجِبُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْإِغْمَاءِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجُنُونُ بَلْ أَوْلَى لِمَا قِيلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأَنْزَلَ. لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَجِبْ كَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا عَلَامَةَ ثَمَّ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ، بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِمُشَاهَدَتِهِ، وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ غُسْلَهُ لِاحْتِمَالِهَا كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُجْزِئُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا إذَا لَمْ يَبْنِ الْحَالُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ، وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ غَيْرَ الْبَالِغِ أَيْضًا عَمَلًا بِعُمُومِ الْخَبَرِ.
(وَ) الْغُسْلُ (لِلْكَافِرِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ (إذَا أَسْلَمَ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ نَحْوُ جَنَابَةٍ وَيُسَنُّ غُسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَنْ يُحْلَقَ رَأْسُهُ قَبْلَ غُسْلِهِ، وَوَقْتُ غُسْلِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ وَمَا فِي خَبَرِ ثُمَامَةِ مِمَّا يُخَالِفُهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَظْهَرَ إسْلَامَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَمَّا إذَا سَبَقَ مِنْهُ نَحْوُ جَنَابَةٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِي الْكُفْرِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الْفَرْقِ هُنَا فِي اسْتِحْبَابِ الْحَلْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهِ لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَأَنَّ السُّنَّةَ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى التَّقْصِيرُ كَالْحَجِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إزَالَةُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَقَطْ وَهُنَا جَمِيعُ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَسِّهِ انْتَهَى. وَفِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ: وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَقِيسَ بِالْحَمْلِ الْمَسُّ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَقِيسَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْدَ الْحَمْلِ كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ الْمَسِّ لَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ م ر: وَمَنْ حَمَلَهُ: أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ انْتَهَى فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَلْيَغْتَسِلْ أَنَّ الِاغْتِسَالَ بَعْدَ تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ. .
(قَوْلُهُ: إذَا أَفَاقَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ السَّكْرَانُ فَيَنْدُبُ لَهُ الْغُسْلُ إذَا أَفَاقَ، بَلْ قَدْ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَجَازًا (قَوْلُهُ وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ) أَيْ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ) أَيْ الْغُسْلُ، وَقَوْلُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا: أَيْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ) أَيْ وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ أَوْ لَا لِأَنَّ غُسْلَهُ لِلِاحْتِيَاطِ وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ مُحَقَّقٌ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ قَطَعَ بِانْتِفَائِهَا مِنْهُ لِكَوْنِهِ ابْنَ ثَمَانٍ مِنْ السِّنِينَ مَثَلًا، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لِاسْتِحَالَةِ إنْزَالِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَنْوِي الْغُسْلَ مِنْ الْإِفَاقَةِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَنْوِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ نَظَرًا لِحِكْمَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ مُتَعَقِّبًا لَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا مَا بُحِثَ، وَمَا نُقِلَ عَنْ م ر وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ يَتَنَاوَلُهُ قَوْلُهُ هُنَا: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ غَيْرَ الْبَالِغِ لَكِنْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلنِّيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى الْغَايَةِ أَنَّ الْبَالِغَ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ يَنْوِي السَّبَبَ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ تَخْصِيصُ هَذَا بِطَلَبِ السِّدْرِ فِيهِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ الْمُبَالِغَةِ فِي إظْهَارِ التَّبَاعُدِ عَنْ أَثَرِ الشِّرْكِ وَتَنْزِيلِ أَثَرِهِ إنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا مَنْزِلَةَ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ لَا بَعْدَهُ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَقَالَ م ر: إنْ حَصَلَتْ مِنْهُ جَنَابَةٌ حَالَ الْكُفْرِ غَسَلَ قَبْلَ الْحَلْقِ: أَيْ لِتَرْتَفِعَ الْجَنَابَةُ عَنْ شَعْرِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْحَلْقِ لِأَنَّهُ أَنْظَفُ لِرَأْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غُسْلُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ، وَقِيَاسُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا يَوْمَ جُمُعَةٍ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ الْغُسْلُ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ لَهُ فَقَطْ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدَّرْسِ أَنَّهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا جَمِيعُ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ)
[حاشية الرشيدي]
حَمَلَهُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَأْوِيلِهَا مِثْلُ مَا سَيَأْتِي فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ: أَيْ لِمَنْ أَرَادَ حَمْلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ غُسْلِ الْإِفَاقَةِ مَثَلًا، وَعَلَيْهِ فَمَا يَنْوِيهِ غَيْرُ الْبَالِغِ مَعَ انْتِفَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute