عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ كُلَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مُؤَقَّتٌ بِطُولِهَا عَادَةً وَيَخْتَلِفُ حِينَئِذٍ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْأَوْلَى فِي الْأَظْفَارِ مُخَالَفَتُهَا، فَقَدْ رُوِيَ «مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ مُخَالِفًا لَمْ يَرَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدًا» وَفَسَّرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيَمَنِيِّ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ، لَكِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُسَبِّحَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِنْصِرِهَا ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرَّجُلِ الْيُمْنَى، وَحُكِيَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ إلَّا تَأْخِيرَ إبْهَامِ الْيُمْنَى أَنْ يُقَلِّمَهَا بَعْدَ خِنْصَرِهَا، وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ. وَلَا يُسَنُّ حَلْقُ الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ نُسُكٍ أَوْ مَوْلُودٍ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ أَوْ كَافِرٍ أَسْلَمَ كَمَا مَرَّ فِيهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُبَاحٌ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ دَفْنُ مَا يُزِيلُهُ مِنْ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَدَمٍ (وَ) إزَالَةُ (الرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِلتَّأَذِّي بِهِ فَيُزِيلُهُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ، وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّتْ لِكُلِّ حَاضِرِ جَمْعٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فَهِيَ فِي الْجُمُعَة آكَدُ اسْتِحْبَابًا.
(قُلْت: وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ شَذَّ فَكَرِهَ ذِكْرَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ صَحَّ «مَنْ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» وَوَرَدَ «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَتَهَا أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ، وَأَوْلَاهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِيهَا أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْجُمُعَةُ تُشْبِهُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ) يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِيُصَادِفَ سَاعَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الْقَافِ وَتَشْدِيدُ اللَّامِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ، فَإِنْ عُلِمَتْ تَعَيَّنَ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى) أَيْ إلَى خِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى عَلَى التَّوَالِي اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَصَرَّحَ بِاعْتِمَادِهِ حَجّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَالَ حَجّ: وَيَنْبَغِي الْبِدَارُ بِغَسْلِ مَحَلِّ الْقَلْمِ لِأَنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَهُ يُخْشَى مِنْهُ الْبَرَصُ، وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ بُكْرَةَ الْجُمُعَةِ لِوُرُودِ كُلٍّ وَكَرِهَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ نَتْفَ الْأَنْفِ قَالَ: بَلْ يَقُصُّهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ، قِيلَ بَلْ فِي حَدِيثٍ أَنَّ فِي بَقَائِهِ أَمَانًا مِنْ الْجُذَامِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلّه مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَشْوِيهٌ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ قَصُّهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُبَاحٌ) إلَّا أَنْ يَتَأَذَّى بِبَقَاءِ شَعْرِهِ أَوْ شَنَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ فَيُنْدَبُ اهـ حَجّ: أَيْ أَوْ صَارَ تَرْكُهُ مَحَلًّا بِالْمُرُوءَةِ كَمَا فِي زَمَنِنَا فَيُنْدَبُ، وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحَلْقَ عَنْ الْغُسْلِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ لِيُزِيلَ الْغُسْلُ أَثَرَهَا عَنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَشَعْرُ) قَدْ يَشْمَلُ شَعْرَ الْعَوْرَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْوَاجِبُ سَتْرُهُ عَنْ الْأَعْيُنِ، وَهَلْ يَحْرُمُ إلْقَاءُ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ كَالْأَخْلِيَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ سَنِّ الدَّفْنِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبُ الشَّعْرِ يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ مُزَيِّنًا أَوْ غَيْره فِعْلُهُ لِطَلَبِ سَتْرِهِ عَنْ الْأَعْيُنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاحْتِرَامِهِ وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَسَتْرِ إنَاءٍ بِهِ أَوْ اتِّخَاذِ خَيْطٍ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَكُرِهَ ذِكْرُ ذَلِكَ) أَيْ كُرِهَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ أَنْ يُذْكَرَ اسْمُ الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ لَفْظِ سُورَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ) وَأَقَلُّ الْإِكْثَارِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ) هَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى أَوْ بِشَرْطِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَلَا ارْتِبَاطَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْجُمَعِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ نُورُ الْأَبْعَدِ أَكْثَرَ مِنْ نُورِ الْأَقْرَبِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيْحُكُمْ مَا يُرِيدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ نُورَ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَسَافَةً يُسَاوِي نُورَ الْأَبْعَدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً اهـ سم عَلَى حَجّ.
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute