للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجَابَةِ، فَقَدْ صَحَّ «لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ انْتِظَارُهَا وَبِالْقِيَامِ الْمُلَازَمَةُ وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ لَا أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لَهُ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَخَبَرُ «الْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ يَوْمًا فِي وَقْتٍ وَيَوْمًا فِي آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْبُلْدَانِ بَلْ فِي الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ كُلِّ أَهْلِ مَحَلٍّ مِنْ جُلُوسِ خَطِيبِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ فَقَدْ يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ وَلَا يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ آخَرَ يَتَقَدَّمُ أَوْ تَأَخَّرَ. وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ: كَيْفَ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الدُّعَاءِ التَّلَفُّظُ بَلْ اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ كَافٍ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ: وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ وَإِمَّا بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ وَإِمَّا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَإِمَّا فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ أَظْهَرُ.

وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَصِلَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْ سُنَّتَهَا بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ تَحَوُّلِهِ أَوْ كَلَامٍ لِخَبَرٍ فِيهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَيُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ وَالْعَبَثِ حَالَ الذَّهَابِ لِصَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً وَانْتِظَارُهَا وَلَا يُعَارِضُهُ تَشْبِيكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي اعْتِقَادِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَائِدَةٌ] قَالَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِيهَا يس وَالَمْ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَالدُّخَانَ وَتَبَارَكَ، فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ الْمَعَاصِي أَبَدًا مَا أَبْقَيْتنِي، وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِينِي، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرْضِيك عَنِّي. اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُك يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِك كَمَا عَلَّمْتَنِي، وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيك عَنِّي. اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُك يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِك بَصَرِي وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي وَأَنْ تَشْغَلَ بِهِ بَدَنِي، فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَنْ الْحَقِّ غَيْرُك وَلَا يُؤْتِينِيهِ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُ الدُّعَاءَ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا. وَقَوْلُهُ وَاسْتَغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَأَنْ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَخْ) عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ قَوْلًا اهـ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ جَوَابًا عَنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) لَعَلَّهُ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: كَافٍ فِي ذَلِكَ) ثُمَّ هُوَ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا فِي الدُّعَاءِ لَا يُعَدُّ كَلَامًا فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِاسْتِحْضَارِ دُعَاءٍ مُحَرَّمٍ أَوْ مُشْتَمِلٍ عَلَى خِطَابٍ، بَلْ وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ أَظْهَرُ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِمَا فِي اشْتِغَالِهِ بِالدُّعَاءِ بِالْقَلْبِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْخَطِيبِ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا بَنَى عَلَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْإِجَابَةِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَوْ وَقْتَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُصَادِفُهُ إذَا لَمْ يَدْعُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَانْتِظَارُهَا) أَيْ حَيْثُ جَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، أَمَّا إذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِلصَّلَاةِ بَلْ لِغَيْرِهَا كَحُضُورِ دَرْسٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ أَظْهَرُ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُلَاقِي الْحِكْمَةَ فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ حِينَئِذٍ وَهِيَ تَحَرِّي مُصَادَفَةِ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالِاشْتِغَالِ بِهِ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ السَّاعَةُ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>