(انْتِظَارِهِ) لِلْفِرْقَةِ (الثَّانِيَةِ) قَبْلَ لُحُوقِهَا لَهُ، فَإِذَا لَحِقَتْهُ قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَرْكَعُ بِهِمْ، وَهَذِهِ رَكْعَةٌ ثَانِيَةٌ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْأُولَى وَلَا يُعْرَفُ لَهَا فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ (وَيَتَشَهَّدُ) نَدْبًا فِي جُلُوسِهِ لِانْتِظَارِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُخَالِفٌ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامَ لَيْسَ مَوْضِعَ ذِكْرٍ (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ) قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدَ (لِتَلْحَقَهُ) فَتُدْرِكَهُمَا مَعَهُ لِأَنَّهُ قَرَأَ مَعَ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَيُؤَخِّرُهَا لِيَقْرَأَهَا مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا يُشْغَلُ بِالذِّكْرِ، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَكَذَاتِ الرِّقَاعِ لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا خُطْبَتَهُ، وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ كَانَ كَافِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، فَإِنْ حَدَثَ نَقْصٌ فِي الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَرَضَ النَّقْصُ عَنْهَا بَعْدَ إحْرَامِ جَمِيعِ الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِاشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مَعْنًى، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ الْمُرَادُ بِهِ ثَانِيَةُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُهَا جَمَاعَةً لَا فِي الثَّانِيَةِ اهـ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْأَقْرَبُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ سُكُوتًا (قَوْلُهُ: قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةِ) وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْرَارُ حِينَئِذٍ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِمْ لِفَاتِحَتِهِمْ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ سَمَاعَ قِرَاءَةِ إمَامِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَحَالِهِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّكُوتُ بِقَدْرِ فَاتِحَةِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ) أَيْ مِنْ تِلْكَ السُّورَةِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ سُورَةٍ أُخْرَى اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْرَفُ لَهَا) أَيْ لِتَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ) أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُعْرَفُ لَهَا نَظِيرٌ يُطْلَبُ فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ وَالْجُمُعَةُ طُلِبَ فِي ثَانِيَتِهَا الْمُنَافِقُونَ بِخُصُوصِهَا، وَأَيْضًا فَالْجُمُعَةُ لَمْ يُطْلَبْ فِيهَا تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ بَلْ طُلِبَ فِيهَا قِرَاءَةُ الْمُنَافِقُونَ فَلَزِمَ مِنْهُ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ، فَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا لَمْ يُطَوِّلْهَا عَلَى الْأُولَى، عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَطْوِيلَهَا عَلَى الْأُولَى لِجَوَازِ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْأُولَى تَحْصُلُ بِهِ زِيَادَتُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ أَوْ مُسَاوَاتُهَا لَهَا.
(قَوْلُهُ: لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ) اُنْظُرْ هَلَّا جَازَ ذَلِكَ فِيهَا أَيْضًا، وَيُجْعَلُ الْخَوْفُ عُذْرًا فِي التَّعَدُّدِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا تُفَارِقُ لِلْإِمَامِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ حَيْثُ جَازَ التَّعَدُّدُ، وَمِنْهُ لَوْ خَطَبَ بِمَكَانٍ وَصَلَّى بِأَهْلِهِ ثُمَّ حَضَرَ إلَى مَكَان لَمْ تُصَلِّ أَهْلُهُ فَخَطَبَ لَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ امْتَنَعَتْ، وَفِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْلِيفَ مَشَقَّةٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا) أَيْ كُلَّهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ مِنْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ أَرْبَعِينَ لَمْ يَكْفِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ جَوَازِ نَقْصِهَا عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَذَا شَامِلٌ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ حُرًّا مُكَلَّفًا وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ: أَيْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ أَنَّ مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: حَالَةَ تُحْرِمُ الثَّانِيَةُ) أَيْ وَلَوْ انْتَهَى النَّقْصُ إلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) هُوَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُؤَخِّرُهَا) أَيْ مَعَ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَتُتِمُّهَا جُمُعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ صَلَاةَ الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءُ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَاشْتَرَطْنَا فِيهَا السَّمَاعَ وَالْعَدَدَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ إذَا انْعَقَدَتْ صَارَتْ تَابِعَةً لِلْأُولَى فَاغْتُفِرَ النَّقْصُ مِنْ الْعَدَدِ مُرَاعَاةً لِلتَّبَعِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ نَقْصُ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute