للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ، تَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، وَلَوْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ؛ وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ.

(فَإِنْ) (صَلَّى) الْإِمَامُ (مَغْرِبًا) عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فَبِفِرْقَةٍ) مِنْ الْقَوْمِ يُصَلِّي بِهَا (رَكْعَتَيْنِ) وَتُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِهِمْ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَبِالثَّانِيَةِ) مِنْهُ (رَكْعَةً وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) الْجَائِزِ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أَوْلَى الثَّانِيَةِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ أَفْضَلُ لِتَنْجَبِرَ بِهِ الثَّانِيَةُ عَمَّا فَاتَهَا مِنْ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ (وَيَنْتَظِرُ) الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةُ (فِي) جُلُوسِ (تَشَهُّدِهِ) الْأَوَّلِ (أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ) أَيْ انْتِظَارُهُ فِي الْقِيَامِ (أَفْضَلُ) مِنْ انْتِظَارِهِ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَنَّ انْتِظَارَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَوْلَى لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ فِرَقٍ صَحَّتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ عَلَى النَّصِّ (أَوْ) صَلَّى بِهِمْ (رُبَاعِيَّةً فَبِكُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي (رَكْعَتَيْنِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٢] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذَا إنْ قَضَى فِي السَّفَرِ رُبَاعِيَّةً، أَوْ وَقَعَ الْخَوْفُ فِي الْحَضَرِ: أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالَةِ الْخَوْفِ، وَهَلْ الْأَفْضَلُ الِانْتِظَارُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمَغْرِبِ، وَلَوْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَوْ عَكْسَهُ صَحَّتْ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سُجُودَ السَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا لِلْمُخَالَفَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) فَرَّقَهُمْ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ وَالضَّمِيرُ لِلْإِرْشَادِ الَّذِي هُوَ مَشْرُوحُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَقِيسُ هُوَ قَوْلُهُ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ مِنْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمَسْبُوقَ لَوْ أَدْرَكَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ بِأَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ هُنَا حَالَ صَلَاتِهِمْ الظُّهْرَ، فَكَانُوا كَالْعَبْدِ إذَا فَعَلَ الظُّهْرَ ثُمَّ عَتَقَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ وَقْتَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ لِإِمْكَانِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ حِينَ صَلَاتِهِ، فَكَانَ كَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ) أَيْ أَعَادَهَا جُمُعَةً وَإِنْ كَانَ مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ) أَيْ نَدْبًا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي الْمَغْرِبِ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُرُودِهِ اهـ.

وَالْأَقْرَبُ السُّجُودُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا) يَعْنِي غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ الْإِرْشَادِ إذْ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ إلَى قَوْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرٍ.

(قَوْلُهُ: بِهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُفَرِّقُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>