للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ بِقِسْمَيْهِمَا وَالرَّوَاتِبَ وَالتَّرَاوِيحَ لَا الِاسْتِسْقَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ وَلَا الْفَائِتَةَ بِعُذْرٍ كَذَلِكَ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُصَلِّيهَا طَالِبُ عَدُوٍّ خَافَ فَوْتَهُ لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي خَوْفِ فَوْتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ وَهِيَ لَا تَتَجَاوَزُ مَحِلَّهَا وَهَذَا مُحَصَّلٌ.

نَعَمْ إنْ خَشَى كَرَّتَهُ، أَوْ كَمِينًا أَوْ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّهُ خَائِفٌ، وَلَوْ خُطِفَ نَعْلُهُ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ جَازَتْ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ النَّجَاسَةَ كَحَامِلِ سِلَاحِهِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ لِلْحَاجَةِ، وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ الْمَارِّ فِي خَوْفِهِ مِنْ انْقِطَاعِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ، وَمِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِعَدَمِ جَوَازِهَا إنْ خَافَ فَوْتَ الْعَدُوِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ: لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ فَتَبِعَهَا إلَى صَوْبِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا بَلْ بُعْدَهَا عَنْهُ فَتَكَلَّفَ الْمَشْيَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] لَوْ كَانَ يَعْلَمُ زَوَالَ الْخَوْفِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ رَكْعَةٍ وَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى زَوَالِ الْخَوْفِ لِإِمْكَانِهَا أَدَاءً عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ كَمَا ارْتَضَاهُ م ر هَكَذَا فَرَاجِعْهُ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، ثُمَّ رَأَيْت سم صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ بَقِيَّةَ الْوَقْتِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ.

لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْهُ التَّرَدُّدَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوَاتِبِ ظَاهِرٌ حَيْثُ فُعِلَتْ جَمَاعَةً عَلَى خِلَافِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا.

وَأَمَّا إذَا فُعِلَتْ فُرَادَى فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي مَجِيءِ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا تُفْعَلُ إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ.

وَأَمَّا صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَلَا مَانِعَ مِنْهَا خَشْيَةَ فَوَاتِهَا حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ.

(قَوْلُهُ: الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ بِقِسْمَيْهِمَا) أَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَكُسُوفِ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ) أَيْ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِذَا خِيفَ فَوْتُهُ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيُصَلِّيهَا حَالًا خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَوْ قِيلَ شِدَّةُ الْخَوْفِ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ وَلَا مَعْصِيَةَ لَمْ يَبْعُدْ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْفَوَائِتِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّيهَا) أَيْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إذَا خَافَ ضَيَاعَهُ) وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَهَذَا النَّوْعُ إنَّمَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَاعْتَذَرَ م ر عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَيَرِدُ الِاشْتِغَالُ بِإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَالْحَجِّ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحَاوَلَ التَّخَلُّصَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْحَاصِلِ مَا كَانَ حَاصِلًا لَهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا.

وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْغَرِيقُ عَبْدَهُ مَثَلًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِي حَالِ تَلَطُّخِهِ بِالنَّجَسِ فَقَطْ اهـ مُؤَلِّفٌ، وَيَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِذَا أَدْرَكَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ لِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ إنَّمَا اُغْتُفِرَ فِي سَعْيِهِ لِتَلْخِيصِ مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِشِدَّةِ الْحَرْبِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا قَدْ انْقَضَتْ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَتَاعِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْعَوْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِيمَا إذَا وَطِئَ النَّجَاسَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ) أَيْ بِالْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: بَلْ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>