للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَعَلَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ هَذَا الزَّمَنَ الْيَسِيرَ وَإِنْ لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي نَظَائِرِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُنَحِّهَا حَالًا خَشْيَةً مِنْ ضَيَاعِهِ بِالْإِلْقَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْنِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَيُرَدُّ بِذَلِكَ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ الظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا بِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ احْتَاجَ إلَى إمْسَاكِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ (أَمْسَكَهُ) لِلْحَاجَةِ (وَلَا قَضَاءَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ يَعُمُّ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحَاضَةَ.

وَالثَّانِي يَجِبُ لِنُدُورِ الْعُذْرِ، وَمَا رَجَّحَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ الْأَقْيَسُ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُمَا نَقَلَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَتَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ.

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِيمَا لَوْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ) بِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ وُجُوبًا تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مَنْصُوبَانِ بِتَقْدِيرِ جَعَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، أَوْ يَكُونُ خَبَرًا بِمَعْنَى الْأَمْرِ: أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.

(وَلَهُ ذَا النَّوْعُ) أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ سَفَرًا وَحَضَرًا (فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ ضَرَرٌ، وَذَلِكَ كَالْقَافِلَةِ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْفِئَةِ الْعَادِلَةِ فِي قِتَالِ الْبَاغِيَةِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَهَرَبٌ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ) وَحَيَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ وَلَا التَّحَصُّنُ بِشَيْءٍ لِوُجُودِ الْخَوْفِ (وَغَرِيمٌ عِنْدَ الْإِعْسَارِ وَخَوْفُ حَبْسٍ) دَفْعًا لِضَرَرِ الْحَبْسِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ الْحَبْسِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا إعَادَةَ هُنَا، وَكَمَا يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ يَجُوزُ أَيْضًا صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ، فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ وَيَسْتَعْمِلُ طَائِفَةً فِي رَدِّ السَّيْلِ وَإِطْفَاءِ النَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَا تُفْعَلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ، وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَمَنِ الْإِلْقَاءِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ) أَيْ غِنًى، وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ. إلَخْ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ اهـ.

وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ مُخَالَفَتُهُ لِمَا هُنَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ عَلَى مَصْلَحَةِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ بِتَرْكِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ خَبَرًا) أَيْ هَذَا التَّرْكِيبُ فَيَكُونَانِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَفْعُ الْأَوَّلِ وَنَصْبُ الثَّانِي بِتَقْدِيرِ يَكُونُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا

(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ قِتَالٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: وَكَذَا الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ.

وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَكَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ تَجُوزُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) كَقِتَالِ ذِي مَالٍ وَغَيْرِهِ لِقَاصِدِ أَخْذِهِ ظُلْمًا، وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الِاخْتِصَاصِ بِهِ فِي ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَاغِيَ عَاصٍ بِقِتَالِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي أُولِي الْبُغَاةِ مِنْ أَنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ، فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَفِئَةٌ عَادِلَةٌ لِبَاغِيَةٍ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ إنْ حَكَمْنَا بِإِثْمِهِمْ فِي الْحَالَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ الْإِعْسَارِ كَأَنْ عُرِفَ لَهُ قَبْلُ وَادَّعَى تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ الْوَقْتِ) أَيْ خَوْفِ خُرُوجِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لحج قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَنْوَاعِ كَذَلِكَ.

وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بَاقِي الْأَنْوَاعِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا) أَيْ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>