للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُوزِعَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَخِيَاطَةِ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَارْتَضَاهُ الْجَوْجَرِيُّ.

وَقَالَ فِي الْإِسْعَادِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَلَا اتِّخَاذُهُ بِلَا لُبْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

قَالَ: لَكِنَّ إثْمَهُ دُونَ إثْمِ اللُّبْسِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قِيَاسُ إنَاءِ النَّقْدِ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، فَلَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الْقِنْيَةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَا لُبْسُ دِرْعٍ نُسِجَ بِقَلِيلِ ذَهَبٍ، أَوْ زُرَّ بِأَزْرَارِهِ، أَوْ خِيطَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِإِثْمِ مَنْ يُفَصِّلُ لِلرِّجَالِ الْكُلُوثَاتِ الْحَرِيرَ وَالْأَقْمَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ وَيَبِيعُهُ لَهُمْ أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ، أَوْ يَصُوغُ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُهَا لِلْحَلِيلِ كَمَا مَرَّ.

وَالثَّانِي يَحِلُّ كَلُبْسِهِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (لِلْوَلِيِّ) الْأَبِ، أَوْ غَيْرِهِ (إلْبَاسَهُ) أَيْ الْحَرِيرَ (الصَّبِيَّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَتَزْيِينَهُ بِالْحُلِيِّ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ فِي الْحَرِيرِ إذَا ظَنَّ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ أَوْ اشْتِهَارِ نَفْعِهِ لِدَفْعِ صُدَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَنَحْوِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ فَكَّةِ اللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ.

أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى خَيْطِ الْمِفْتَاحِ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ مِنْ الْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا جَوَازُ خَيْطِ الْمِيزَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِاحْتِيَاجِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَا اتِّخَاذُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ إلَخْ، أَيْ فَلَا يَحِلُّ وَاحِدٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا قَصَدَ إلْبَاسَهُ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا حَرُمَ.

[فَرْعٌ] يُرَاجَعُ إلْبَاسُ الْحَرِيرِ لِلدَّوَابِّ، وَهَلْ حُرْمَةُ سَتْرِ الْجُدْرَانِ تَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ إلْبَاسِهِ الدَّوَابَّ أَوْ يُفَرَّقُ؟ وَالْمُتَّجَهُ الْآنَ وِفَاقًا لَمْ ر الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْ الْجُدْرَانِ لِأَنَّ إلْبَاسَهَا مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ الْغَرَضِ فِي إلْبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ.

[فَرْعٌ] التَّفَرُّجُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِكَوْنِهَا بِنَحْوِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ بِخِلَافِ الْمُرُورِ لِحَاجَةٍ، وَامْتِنَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمُرُورِ أَيَّامَ الزِّينَةِ كَانَ وَرَعًا م ر، وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا؟ يُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ سَتْرَ نَحْوِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ، وَعَدَمُ حُرْمَةِ وَضْعِهِ لِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحُرْمَةِ فِي نَفْسِهِ وَمَا هُوَ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ وِفَاقًا م ر مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ إلْبَاسُهَا الْحُلِيَّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَقَوْلُ سم هُنَا: وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ إلَخْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهُوا عَلَى مُطْلَقِ الزِّينَةِ فَزَيَّنُوا بِالْحَرِيرِ الْخَالِصِ مَعَ كَوْنِهِمْ لَوْ زَيَّنُوا بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا أَكْثَرُهُ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ) وَكَالْخِيَاطَةِ النَّسْجُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) .

[فَرْعٌ] اعْتَمَدَ م ر أَنَّ مَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ جَازَ لِلصَّبِيِّ، فَيَجُوزُ إلْبَاسُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَعْلًا مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا إسْرَافَ عَادَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ) الْمُرَادُ بِالْحُلِيِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْهُ جَعْلُ الْخِنْجَرِ الْمَعْرُوفِ وَالسِّكِّينِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ.

وَأَمَّا الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَالْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةَ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>