للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيدٍ، إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ الْمَجْنُونَ بِالصَّبِيِّ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ (وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَلُبْسِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَلَوْ خَفِيفًا مُهَلْهَلَ النَّسْجِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَجَلَسَ فَوْقَهُ جَازَ كَمَا يَجُوزُ جُلُوسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ حَيْثُ لَا تَلْقَى شَيْئًا مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثِيَابِهِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا.

أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ مِنْ حُرْمَةِ الْحَرِيرِ عَلَى الرَّجُلِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ

(وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى (لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ) (كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) أَيْ شَدِيدَيْنِ يَتَضَرَّرُ مِنْهُمَا وَيَخَافُ مِنْ ذَلِكَ تَلَفَ نَحْوِ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ إزَالَةً لِلضَّرَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ لُبْسِهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَفُّ (أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ) جَائِزٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ: أَيْ بَغْتَتِهَا (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَقُومُ مَقَامَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَجَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ الْحَرِيرِ مِمَّا يَدْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ (وَ) يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ سَتْرَ الْعَوْرَةِ بِهِ وَفِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ (كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي لُبْسِهِ لِلْحِكَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَالْحِكَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْجَرَبُ الْيَابِسُ (وَ) لِلْحَاجَةِ فِي (دَفْعِ قَمْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ بِالْخَاصَّةِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحِكَّةُ وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا يَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ.

وَأُجِيبَ بَعْدَ تَسْلِيمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ جَازَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) خَرَجَ بِافْتِرَاشِهَا اسْتِعْمَالُهَا لَهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ وَالْفَرْشِ فَلَا يَحِلُّ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءٍ مِنْ الْحَرِيرِ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ لِتُغَطِّيَ بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلُّبْسِ كَالْمُسَمَّى الْآن بِالْبُقْجَةِ.

فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَلَا افْتِرَاشٍ بَلْ هُوَ لِمُجَرَّدِ الْخُيَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا جَوَازُ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ لِلصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا وَلَا فَرْشًا، وَدَوَامُ الصَّدَاقِ عِنْدَهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَإِدَامَةِ الْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ إلَخْ) وَخَرَجَ بِفَرَشَ مَا لَوْ خَاطَهُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقٍ دُونَ أَسْفَلَ فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مِخَدَّةٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حِلُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ مُجَوَّزَةٍ بِطَانَتُهَا حَرِيرٌ وَظِهَارَتُهَا صُوفٌ وَخِيَاطَةُ الْمَجْمَعِ عَلَى الْبِطَانَةِ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مَحْشُوَّةٌ بِهِ) أَيْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ مَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي دَعْوَةٍ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) .

قَالَ فِي الْقُوتِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى خَوْفِ الْهَلَاكِ خَوْفَ مَا اشْتَدَّ ضَرَرُهُ كَالْحُمَّى وَالْبَرَصِ وَبُطْءِ الْبُرْءِ وَكُلِّ مَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهْلِكًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ) أَيْ وَلَوْ بِارْتِدَاءٍ وَتَعَمُّمٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ) فِي الْمُخْتَارِ: قَمِلَ رَأْسُهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ مَا هُنَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقْمَلُ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةُ) هِيَ الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ وَالسَّفَرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>