للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ: أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ.

نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي؛ لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ لَا لِكَوْنِ الْحَرِيرِ فِيهِ، وَيَحْرُمُ الْمُطَرَّفُ وَالْمُطَرَّزُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَحْرِيمِ لُبْسِ مَنْ ذُكِرَ عِرْقِيَّةً طُرِّزَتْ بِفِضَّةٍ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَيْهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ (أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَمْ لَا لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ» بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ: أَيْ رُقْعَةٌ «فِي طَوْقِهَا مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ» أَيْ الطَّوْقِ «وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفُ مَا جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ: أَيْ سِجَافٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّطْرِيفُ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ مَا هُنَا بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لِمُجَرَّدِ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّطْرِيفِ طَرَفَيْ عِمَامَةٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُتُبِّعَتْ الْعَادَةُ فِي الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ اهـ.

وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِالْوَزْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِزِيَادَةِ الْحَرِيرِ، فَحَيْثُ زَادَ وَزْنُ الْحَرِيرِ الَّذِي فِي الْعِمَامَةِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا أَجْزَاءٌ كُلُّهَا حَرِيرٌ كَأَنْ كَانَ السَّدَى حَرِيرًا وَبَعْضُ اللُّحْمَةِ كَذَلِكَ.

وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى.

وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حِلُّ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالرُّقَعِ الْمُتَلَاصِقَةِ.

أَقُولُ: وَهُوَ مَمْنُوءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُفَصَّلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا زِينَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَيْسَتْ كَالرُّقَعِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُتَّخَذَ لِإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ) وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ جَعْلِ قِطَعِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ البشوت (قَوْلُهُ: قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ) وَمِثْلُ السِّجَافِ الزَّهْرِيَّاتُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا تَسْتَمْسِكُ بِهَا الْخِيَاطَةُ فَهِيَ كَالتَّطْرِيفِ.

(فَرْعٌ حَسَنٌ) اتَّخَذَ سِجَافًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَهُ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ دَوَامُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ كَافِرٍ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا عَادَةً أَمْثَالُهُ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَيَجُوزُ لَهُ إدَامَتُهُ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي) الْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَالتَّنْظِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ) هَذَا وَقَدْ تُحْمَلُ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى عَلَمٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعِمَامَةِ وَقَدْ خِيطَ بِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى النَّظَرُ الْمَذْكُورُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ السَّدَى حَرِيرٌ وَأَنَّهُ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ اللُّحْمَةِ وَأَنَّهُ لَحَمَهَا بِحَرِيرٍ فِي طَرَفَيْهَا وَلَمْ يَزِدْ بِهِ وَزْنُ السَّدَى، فَإِذَا كَانَ الْمَلْحُومُ بِحَرِيرٍ أَشْبَهَ التَّطْرِيفَ

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>