للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا، قَالَ: لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا.

وَلَوْ صُبِغَ بَعْضُ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا.

وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا، سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ.

وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ غَلَتْ أَثْمَانُهَا، إذْ نَفَاسَتُهَا فِي صَنْعَتِهَا.

وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِالثِّيَابِ، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي إلْبَاسِهَا الْحَرِيرَ، أَمَّا تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ بِهَا فَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهِ تَعْظِيمًا لَهَا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ) يَعْنِي غَيْرَ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ) أَيْ أَمَّا الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَا مَرَّ، وَالْمُعَصْفَرُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ، وَهَلْ يُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ حَيْثُ قَلَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ الْوَرْسُ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ إلْحَاقَهُ بِالْمُزَعْفَرِ اهـ.

وَفِي حَجّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ اهـ

(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ) أَيْ وَالْخَزِّ اهـ حَجّ، وَهُوَ اسْمُ دَابَّةٍ يُؤْخَذُ مِنْ وَبَرِهَا الثِّيَابُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ

(قَوْلُهُ: حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ مَحَلِّ دَفْنِهِمْ (قَوْلُهُ: بِالثِّيَابِ) أَيْ غَيْرِ الْحَرِيرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ م ر أَنَّ سَتْرَ تَوَابِيتِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَقُبُورِهِمْ بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ كَالتَّكْفِينِ بَلْ أَوْلَى، بِخِلَافِ تَوَابِيتِ الصَّالِحِينَ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ الْمَيْلُ لِحُرْمَةِ سَتْرِ قُبُورِ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَوَافَقَ عَلَى جَوَازِ تَغْطِيَةِ مَحَارَةِ الْمَرْأَةِ.

[فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ بَيْنَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَجِدَارِهَا لِنَحْوِ الدُّعَاءِ؟ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ، وَهَلْ يَجُوزُ الِالْتِصَاقُ لِسِتْرِهَا مِنْ خَارِجٍ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَرِيرٍ وَإِنْ جَوَّزْنَا جَعْلَ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا فَوُسِّعَ فِيهَا، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْفِضَّةِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْفِضَّةِ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ، وَاعْتُمِدَ جَوَازُ جَعْلِ خَيْطِ السُّبْحَةِ مِنْ حَرِيرٍ وَكَذَا شرابتها تَبَعًا لِخَيْطِهَا، وَقَالَ: يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ حَرِيرًا لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَمْسَكَ وَأَقْوَى مِنْ الْغَزْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُ سم هُنَا وَهُوَ دُخُولُ الْحَاجَةِ، أَقُولُ: قَدْ تُمْنَعُ الْحَاجَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُقَالُ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ خَاصًّا بِدُخُولِهِ تَحْتَ سِتْرِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ وَنَحْوَهُ مَطْلُوبٌ فِيهِ أَدْعِيَةٌ بِخُصُوصِهَا، وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُتَّخَذُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>