للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ، وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ، وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا طُولًا فَاحِشًا وَإِنْزَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ إزَارِهِ عَنْ كَعْبَيْهِ لِلْخُيَلَاءِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ، فَإِنْ انْتَفَتْ الْخُيَلَاءُ كُرِهَ، وَيُسَنُّ فِي الْكُمِّ كَوْنُهُ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَلِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا وَلِيُطَاوَعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.

وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ، بَلْ يَخْلَعُهُمَا أَوْ يَلْبَسُهُمَا لِيَعْدِلَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ مَشْيُهُ، وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ خَوْفَ انْقِلَابِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَاسَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ وَنَحْوَهَا لَا يُكْرَهُ فِيهَا ذَلِكَ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ انْقِلَابٌ

وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَيَسَارِهِ خَلْعًا، وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا، وَأَنْ يَطْوِي ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ طَيَّهَا يَرُدُّ إلَيْهَا أَرْوَاحَهَا وَيَمْنَعُ لُبْسَ الشَّيْطَانِ لَهَا.

وَفِي الْمَجْمُوعِ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَفَرْجِيَّةٍ وَلَوْ مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ، وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَا وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا.

(وَ) يَحِلُّ لِلْآدَمِيِّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ اسْتِدَامَةِ طَهَارَةِ الْمَلْبُوسِ مِمَّا يَشُقُّ خُصُوصًا عَلَى الْفَقِيرِ وَبِاللَّيْلِ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ.

نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى قَدْرِ فَمِ الْكُوزِ لِلتَّغْطِيَةِ، بِخِلَافِ وَضْعِ نَحْوِ مِنْدِيلٍ مِنْ حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا شرابتها: أَيْ الَّتِي هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِطَرَفِ خَيْطِهَا، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَبِّ السُّبْحَةِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَيْطُ السِّكِّينِ مِنْ الْحَرِيرِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَاحَظَ الزِّينَةَ

(قَوْلُهُ: وَلُبْسُ خَشِنٍ) أَيْ لَاقَى الْبَدَنَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ) هِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخِّرِ الْعِمَامَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مِنْ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ) وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهِ لِيُلْحَقُوا بِهِمْ، وَعِبَارَةُ طب فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ إنْ غَرَّبَهُ غَيْرُهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ فَيُعْطِيَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ بِهِ هَذَا التَّغْرِيرَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمِثْلُهُ مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْعَالِمِ وَقَدْ كَثُرَ فِي زَمَانِنَا

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا) أَيْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ النَّعْلِ مَثَلًا، ثُمَّ يَخْرُجُ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسُ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسُ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ طَيَّهَا) أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَنْجُسُ بَدَنُهُ) هُوَ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَمِثْلُ ثَوْبِهِ بَدَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ كَالزِّبْلِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَلْيُحَرَّرْ.

ثُمَّ قُرِّرَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةٍ أَوْ غَيْرِ رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ أُجِيبَ بِعُذْرِهَا وَعَدَمِ اخْتِيَارِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>