للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ (وَنَحْوِهَا) كَطَوَافٍ مَفْرُوضٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ، بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَيَحْرُمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ، بِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ قَطْعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُبْسَهُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ مَفْرُوضٍ بِنِيَّةِ قَطْعِهِ جَائِزَةٌ وَبِدُونِهِ مُمْتَنِعٌ، أَمَّا إذَا لَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِنَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ غَيْرَ مُضَيَّقٍ، أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ وَاسْتَمَرَّ فَالْحُرْمَةُ عَلَى تَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، أَوْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهَا لَا عَلَى لُبْسِهِ فَافْهَمْ (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) ، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِأَحَدٍ، إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْخِنْزِيرِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ وَكَذَا بِالْكَلْبِ إلَّا فِي أَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَخَوْفٍ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ، وَيَجُوزُ تَغْشِيَةُ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ بِذَلِكَ لِمُسَاوَاةِ مَا ذُكِرَ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ، وَلَيْسَ إلْبَاسُ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى، أَوْ الْخِنْزِيرِ جِلْدَ مِثْلِهِ مُسْتَلْزِمًا لِاقْتِنَائِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِثْمُهُ عَلَى الِاقْتِنَاءِ دُونَ الْإِلْبَاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِمُضْطَرٍّ احْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَوْ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ نَحْوَ سَبُعٍ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ يُقِرُّونَ عَلَيْهَا، أَوْ لِمُضْطَرٍّ تَزَوَّدَ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ بِالْمَيْتَةِ، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُجَلِّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِذَلِكَ ادْفَعْ اسْتِشْكَالَ الْإِسْعَادِ وَالتَّنْظِيرَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَلْبٍ يُقْتَنَى وَخِنْزِيرٍ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا، لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْمُقْتَنَى وَبِمَا لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا بَلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ تَجْلِيلُهُ إنْ تَضَمَّنَ اقْتِنَاؤُهُ الْمُحَرَّمَ، وَقَدْ لَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ، أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَحِلُّ، بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِغَيْرِ جِلْدِهِمَا مِنْ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (وَكَذَا) (جِلْدُ الْمَيْتَةِ) قَبْلَ الدَّبْغِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) فِي بَدَنِ الْآدَمِيِّ، أَوْ جُزْئِهِ، أَوْ فَوْقَ ثَوْبِهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَالدَّابَّةِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ فَيَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي خُرُوجِ هَذِهِ النَّجَاسَةِ وَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُلُّ ذِي نَجَاسَةٍ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَتَمُّ فَلْيُحَرَّرْ.

وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا: وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ: أَيْ الثَّوْبِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.

ثُمَّ قَرَّرَ م ر تَحْرِيمَ دُخُولِ مَنْ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ وَمُكْثِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ) .

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْوَقْتِ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) .

[فَرْعٌ] قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشِّيتَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ.

نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَنَدَّى الْكَتَّانُ فَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُعْفَى عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا حِينَئِذٍ مَعَ نَدَاوَتِهِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا.

وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُ الْكَتَّانِ وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَمَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ كَالْجُلُوسِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) خَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ فَيَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ) وَهُوَ أَنْيَابُ الْفِيَلَةِ، قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا يُسَمَّى غَيْرُ النَّابِ عَاجًا، وَالْعَاجُ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، وَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>