للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِحْرَامِ.

وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَوَهْمٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ فِي الْإِنَاءِ مِنْهُ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَدَنِ انْتَهَى هُوَ الْغَرِيبُ وَالْوَهْمُ الْعَجِيبُ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُشْطِ وَالْإِنَاءِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَشَعْرُهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ.

(وَيَحِلُّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) وَكَذَلِكَ دَهْنُ الدَّوَابِّ وَتَوْقِيحِهَا بِهِ كَمَا لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ «إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ مَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الْجَوَازِ مُعَلِّلًا لَهُ بِقِلَّةِ الدُّخَانِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى الْكَثِيرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ الْمَنْزِلُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ وَنَحْوُهُمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الِاسْتِصْبَاحِ فِيهِ بِحَيْثُ يَعْلَقُ الدُّخَانُ بِالسَّقْفِ، أَوْ الْجِدَارِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَدَكِ نَحْوِ الْكَلْبِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ، وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ، وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجُشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ عَيْنِهَا.

وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذُ صَابُونٍ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُحْمَلُ أَنَّهُ كَانَ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ لِأَنَّ أَنْيَابَهَا مَيْتَةٌ بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِالطَّهَارَةِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ حَمْلِهِ لِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (قَوْلُهُ: وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لحج

(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَظُنُّهُ فِي بَابِ الْآنِيَةِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ الدُّهْنِ الطَّاهِرِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ كَالْمُتَّخِذِ مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ وَجَدَ طَاهِرَةً يُسْتَصْبَحُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ غَرَضَ الِاسْتِصْبَاحِ حَاجَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِذَلِكَ كَمَا جَازَ وَضْعُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ لِغَرَضِ إطْفَاءِ نَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَتَنْجِيسُ الطَّاهِرِ إنَّمَا يَحْرُمُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[فَرْعٌ] إذَا اُسْتُصْبِحَ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ جَازَ إصْلَاحُ الْفَتِيلَةِ بِأُصْبُعِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ وَأَمْكَنَ إصْلَاحُهَا بِنَحْوِ عُودٍ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيسَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ الضَّرُورَةُ، وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَاجَةُ وَأَمْنُ التَّنْجِيسِ لِلْمَسْجِدِ بِنَفْسِهِ أَوْ دُخَانِهِ، وَمَشَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الدُّهْنِ النَّجَسِ غَيْرَ وَدَكِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ.

وَمِنْهَا قَصْدُ الْإِسْرَاجِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَنْجِيسٌ وَإِنْ قَلَّ.

ثُمَّ قَالَ م ر: يَجُوزُ إسْرَاجُ الدُّهْنِ النَّجِسِ فِي بَيْتٍ مُسْتَعَارٍ مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرٌ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَوِّثَهُ بِنَحْوِ دُخَانِهِ.

نَعَمْ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِهِ الْمَالِكُ فِي الْعَادَةِ فَلَا بَأْسَ.

فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ لِنَحْوِ قَاصِرٍ امْتَنَعَ: أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَالِكٌ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبْخُ بِنَحْوِ الْجِلَّةِ فِي الْبُيُوتِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا تَسْوِيدُ الْجُدْرَانِ، وَجَوَّزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا عُدَّ مَكَانٌ فِي تِلْكَ الْبُيُوتِ لِلطَّبْخِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالطَّبْخِ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَوْقِيحُهَا) أَيْ تَصْلِيبُ حَوَافِرِهَا بِالشَّحْمِ الْمُذَابِ كَمَا فِي الْمُحْتَارِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَنْجِيسٌ لَمْ يَحْرُمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>