للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الرَّكْعَتَانِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ أَدْنَى الْكَمَالِ الْمَأْتِيِّ بِهِ بِخَاصِّيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِدُونِهَا يُؤَدِّي أَصْلَ سُنَّةِ الْكُسُوفِ فَقَطْ، وَتَبِعَهُ الْعِرَاقِيُّ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَاةُ الْكُسُوفِ لَهَا كَيْفِيَّتَانِ مَشْرُوعَتَانِ: الْأُولَى وَهِيَ الْكَامِلَةُ هِيَ ذَاتُ الرُّكُوعَيْنِ، فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ وَلَا النَّقْصُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ إنَّمَا تَكُونُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا نَفْلٌ مُقَيَّدٌ فَأَشْبَهَ مَا إذَا نَوَى الْوِتْرَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، أَوْ تِسْعًا، أَوْ سَبْعًا فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النَّقْصُ.

الثَّانِيَةُ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَيَنْوِيَهَا كَذَلِكَ، فَيَتَأَدَّى بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا يَتَأَدَّى أَصْلُ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ، وَحِينَئِذٍ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ نَوَى الْأَكْمَلَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي مِنْ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ اهـ.

وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ لِمَنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ امْتِنَاعُ تَكْرِيرِهَا لِبُطْءِ الِانْجِلَاءِ وَمَا خَبَرُ النُّعْمَانِ الدَّالُ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا هَلْ انْجَلَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِنِيَّةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا يُرِدْ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَجُوزُ زِيَادَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا نَوَاهَا بِرُكُوعَيْنِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا ابْتِدَاءً بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ فَلَا تُخَالِفُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي التَّوْشِيحِ) أَيْ التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ) أَيْ فِي أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ إلَخْ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ، أَوْ الْمُرَادُ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ) وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَإِذَا أَطْلَقَ وَقُلْنَا بِمَا أَفْتَى لَهُ شَيْخُنَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِإِحْدَى الْكَيْفِيَّتَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ إلَيْهَا بَعْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فِي تَعْيِينِهَا بِأَنْ يُكَرِّرَ الرُّكُوعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، بَلْ بِأَنْ يَشْرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِقَصْدِ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الثَّانِي اهـ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْصَرِفُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ لِمَا عَيَّنَهُ لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَطْلَقَ فَيَصِحُّ وَيَنْصَرِفُ لِمَا صَرَفَهُ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ وَالْإِرَادَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْأَعْمَالِ وَعَلَى مَا لَوْ نَوَى نَفْلًا فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ مَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْكُسُوفِ وَلَمْ يَقْصِدْ فِي نِيَّتِهِ أَنْ يَكُونَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَلَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ انْعَقَدَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَهُ فِعْلُهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَبِالْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ التَّخْيِيرِ هُنَا وَبَيْنَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَى الثَّلَاثِ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّتَيْنِ هُنَا سَوَاءٌ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ. وَأَقُولُ: قَدْ يُتَّجَهُ انْعِقَادُهَا بِالْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْفَاضِلَةُ اهـ (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا تَمَحَّلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنْ لَا سَقْطَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْكَامِلَةُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِأَدْنَى الْكَمَالِ وَلِغَايَتِهِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالرَّكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَقَطْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ عَنْ التَّوْشِيحِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا نَقَلَهُ مِنْ جَوَابِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الرُّكُوعَيْنِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ. وَقَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي: أَيْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْجَوَابِ الثَّانِي بِحَمْلِ أَحَادِيثِنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>