تَقْدِيرُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ وَتَطْوِيلُهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ ثُمَّ الثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ، وَأَمَّا نَقْصُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، أَوْ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فِيمَا أَعْلَمُ، فَلِأَجْلِهِ لَا بُعْدَ فِي ذِكْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِيهِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الثَّانِي، وَيُسَنُّ لَهُ التَّعَوُّذُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ (وَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) مِنْ الرُّكُوعَاتِ الْأَرْبَعِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ، وَفِي) الرُّكُوعِ (الثَّانِي) قَدْرَ (ثَمَانِينَ) مِنْهَا (وَ) فِي الرُّكُوعِ (الثَّالِثِ) قَدْرَ (سَبْعِينَ) مِنْهَا بِالسِّينِ أَوَّلَهُ (وَ) فِي الرُّكُوعِ (الرَّابِعِ) قَدْرَ (خَمْسِينَ) مِنْهَا (تَقْرِيبًا) فِي الْجَمِيعِ لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ مِنْ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فِي الْآيَاتِ دُونَ طِوَالِهَا وَقِصَارِهَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَتَكُونُ الْآيَاتُ مُقْتَصِدَةً.
وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يُطَوِّلُ السَّجَدَاتِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي (قُلْت: الْأَصَحُّ تَطْوِيلُهَا) كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُسُوفِ الشَّمْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى (وَنَصَّ فِي) كِتَابِ (الْبُوَيْطِيِّ) وَهُوَ يُوسُفُ أَبُو يَعْقُوبَ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ مِنْ بُوَيْطٍ قَرْيَةٍ مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى. كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَلَقَتِهِ بَعْدَهُ. مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ (أَنَّهُ يُطَوِّلُهَا نَحْوَ الرُّكُوعِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ، أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا، أَوْ تَرْكَهَا إلَى خِيرَةِ الْمُقْتَدِي بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ، وَنَظَرُهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهُمْ كَكُلِّ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِخُصُوصِ شَيْءٍ فِيهِ.
(وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) بِنَصْبِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ: أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ لِاقْتِضَائِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُقَالَ الْبَقَرَةُ بِدُونِ سُورَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُطَوِّلْ الْقِيَامَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ السُّجُودِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُطِيلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الِاقْتِدَاءِ بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: قَدْر سَبْعِينَ مِنْهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: هَلَّا قَالَ كَسِتِّينَ، وَمَا وَجْهُ هَذَا النَّقْصِ اهـ. أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ نِسْبَةَ الرَّابِعِ لِلثَّالِثِ كَنِسْبَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي نَقْصٌ عَنْ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ، فَكَذَا الرَّابِعُ نَقْصٌ عَنْ الثَّالِثِ عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: مُقْتَصِدَةٌ) أَيْ مُتَوَسِّطَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقُدْوَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَعَدَمِهَا سِيَّمَا إذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهَا نَفْلًا، بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، أَوْ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ هُنَا مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَمْتَنِعُ الْمُفَارَقَةُ حَيْثُ لَا عُذْرَ (قَوْلُهُ وَنَظَرَهُ)
[حاشية الرشيدي]
وَعَدَمِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَنَظَرُهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمَأْمُومُونَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا أَوْ تَرْكَهَا إلَى خِيَرَةِ الْمُقْتَدِي بِخِلَافِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُطِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَحْصُورِينَ لِعُمُومِ خَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» وَتُحْمَلُ إطَالَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ رِضَا أَصْحَابِهِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِبَيَانِ تَعْلِيمِ الْأَكْمَلِ بِالْفِعْلِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَهُ اهـ. وَهُوَ كَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي قُوتِ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنْ بِالْمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute