للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَمَلِ بِالثَّانِي إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَاءً طَهُورًا بِيَقِينٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ حِينَئِذٍ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. قُلْت: وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ يُرِيدُ فِعْلَهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِدَلِيلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَعُدَّهُ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمَظْنُونِ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنَّ بَقَاءَهُ بِحَالِهِ بِمَنْزِلَةِ بَقَاءِ الشَّخْصِ مُتَطَهِّرًا فَيُصَلِّي فِيهِ مَا شَاءَ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ ظَنُّهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْتَتِرُ بِجَمِيعِهِ أَمْ يُمْكِنُهُ الِاسْتِتَارُ بِبَعْضِهِ لِكِبَرِهِ، فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً وَاسْتَتَرَ بِهَا وَصَلَّى ثُمَّ احْتَاجَ إلَى السَّتْرِ لَتَلِفَ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ النَّصِّ فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي وَفَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ

(وَلَوْ) (أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ) أَيْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِاسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ، أَوْ بِطَهَارَتِهِ عَلَى التَّعْيِينِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ، ثُمَّ التَّعْيِينُ هُنَا بِأَنَّ التَّنَجُّسَ عَلَى الْإِبْهَامِ يُوجِبُ اجْتِنَابُهُمَا، وَالطَّهَارَةُ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا تُجَوِّزُ اسْتِعْمَالَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ يُرِيدُ فِعْلَهَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّوْبِ) لَوْ اجْتَهَدَ فِي ثَوْبَيْنِ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الطَّاهِرُ فَهَلْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الطَّاهِرِ فَكَانَ كَالْمَعْدُومِ، أَوْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِوُجُودِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ يُصَلِّي فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَالْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْعِ صَلَاتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَبَيْنَ وُضُوئِهِ بِكُلٍّ مِنْ الْمَاءِ وَمَاءُ الْوَرْدِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الصَّلَاةُ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ فَيَكُونُ مُرْتَكِبًا لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ دُونَ الْمَاءِ وَمَاءِ وَرْدٍ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ اجْتَهَدَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عَارِيًّا، وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ، وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا أَوْ مَكَانًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَوْرًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي الصَّوْمِ وَابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا فِيمَا لَوْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ فَأَفْطَرُوا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَعَلَّلُوهُ بِتَقْصِيرِهِمْ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا فِيهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِ إنَاءَيْنِ بِلَا اشْتِبَاهٍ فَأَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ فَاجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى نَجَاسَةِ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ فَيَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ إلَخْ لَوْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ مِنْ أَحَدِ إنَاءَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِمَا نَجَاسَةً وَصَلَّى ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ، فَالْوَجْهُ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا طب عَنْ بَعْضِهِمْ وَارْتَضَاهُ وُجُوبُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِتَبَيُّنِ نَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا، وَأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ الِاجْتِهَادَ اَ هـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أُخْبِرَ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَيُتَّجَهُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالثَّانِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ) أَيْ فِي مَاءٍ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَاءَيْنِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ إنْ أَحْدَثَ أَوْ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَخْبَرَ بَعْدَهَا بِطَهَارَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ طَهَارَتَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ بَاطِلَةٌ لِفَقْدِ شَرْطِهَا الَّذِي هُوَ ظَنُّ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَلَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ لَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ نَجَاسَةَ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ مُبْهَمًا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ ثَمَّ) أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَوْلُهُ التَّعْيِينُ هُنَا: أَيْ اشْتِرَاطُهُ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِبْهَامِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا نَصُّهُ: إذَا تَأَمَّلْت الْفَرْقَ الَّذِي أَبْدَاهُ وَجَدْته إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِبْهَامِ ثَمَّ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَالطَّهَارَةُ عَلَى الْإِبْهَامِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ رَأَى كَلْبًا مَثَلًا بِقُرْبٍ لِإِنَاءَيْنِ وَشَكَّ هَلْ وَلَغَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>