للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيَقِينِ غَفْلَةٍ عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ: أَيْ أَوْ نَحْوَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَتِهِ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجَ كَلَامِهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ، أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ لِطَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً مُتَيَقَّنَ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى طَهَارَتِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ الْحَدَثِ فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ وَاجْتَهَدَ وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ فَإِنْ اتَّفَقَ الِاجْتِهَادَانِ فَذَاكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ ظَنَّ طَهَارَةَ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ أَوَّلًا فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَالْأَرْجَحُ مِنْهُ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَإِنْ كَانَ أَوْضَحَ مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنَّ غَسْلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ، وَمِنْ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْقِبْلَةِ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: عَلَى الرَّأْيَيْنِ) أَيْ رَأْيِ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا) أَيْ بِأَنْ أَحْدَثَ وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ عَارَضَهُ مُعَارِضٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ) وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ غَسْلِ أَعْضَائِهِ لِظَنِّهِ نَجَاسَتَهَا وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ التَّيَمُّمُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَهِيَ مَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ طَهَارَتِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَحَدَثِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي وَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ تَلَفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بِلَا إعَادَةٍ مَعَ أَنَّهُ يَظُنُّ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الظَّنَّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَهِّرْ أَعْضَاءَهُ.

لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى مَا لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ لَوْ وُجِدَتْ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفَقْدِ اسْتِعْمَالُ الثَّانِي حَيْثُ ظَنَّ طَهَارَتَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ) أَيْ أَعَادَ الِاجْتِهَادَ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ قَرِيبًا بِقَوْلِهِ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا خَلَطَهُمَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمَسْلَكُ) أَيْ الْأَخِيرُ، فَإِنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْمَسْلَكُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ، لَكِنْ بَعْد أَنْ قَدَّمَ الْمَسْلَكَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي كَلَامِهِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا حَمْلُهُ الْمَتْنَ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ فَلَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْمَسْلَكِ فِي كَلَامِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَطَرِيقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَعَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ بَقِيَ الْوُجُوبُ، وَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ خِلَافِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يُرِقْ الْبَاقِيَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُرِقْهُمَا فِي الثَّانِي قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا، فَإِنْ أَرَاقَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَلَا إعَادَةَ جَزْمًا، لَكِنْ اعْتِبَارُهُ كَوْنَ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا أَوْ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ تَقْتَضِي التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ: أَيْ وَنَحْوُهَا، إذْ لَوْ لَمْ تَنْتَفِ كَانَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَجْزُومًا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ وَنَحْوُهَا، وَإِذَا كَانَتْ مُصَوَّرَةً بِذَلِكَ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَالُفِ فِي الْإِعَادَةِ وَإِجْرَاءُ الْكَلَامِ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ تَقْيِيدُهُ يُنَافِي ذِكْرَ الْخِلَافِ، فَقَوْلُهُ إنْ زَعَمَ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ غَفْلَةً لَعَلَّهُ غَفْلَةً وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُظْهِرُهُ مَقَالُ الْأَصَحِّ إلَخْ،؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَأْتِي أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ إذَا حَصَلَتْ الْإِرَاقَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ نَحْوِ الْخَلْطِ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهِ تَعَيُّنِ التَّخْرِيجِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ، بَلْ الصَّحِيحُ حِينَئِذٍ هُوَ الْإِعَادَةُ، فَأَحْسِنْ التَّأَمُّلَ بِالْإِنْصَافِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ) يُتَأَمَّلُ هَذَا السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَدَثِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ الِاجْتِهَادُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ، قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>