للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا، بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ هَجْمًا، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ (وَقِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ) فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَوْلِ

(وَإِذَا اسْتَعْمَلَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ (مَا ظَنَّهُ) الطَّهُورَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ (أَرَاقَ الْآخَرَ) اسْتِحْبَابًا لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ فِيهِ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِنَحْوِ عَطَشٍ، وَعَلِمَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ (فَإِنْ تَرَكَهُ) مِنْ غَيْرِ إرَاقَةٍ (وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ) فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ بِسَبَبِ ظُهُورِ أَمَارَةٍ لَهُ وَاحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ (لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) مِنْ ظَنَّيْهِ فِيهِ (عَلَى النَّصِّ) لِئَلَّا يُنْقَضَ ظَنٌّ بِظَنٍّ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي (بِلَا إعَادَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ حُصُولِ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ مَعَهُ، وَالثَّانِي يُعِيدُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ، فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَعُدْ جَزْمًا، وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ دُونَ اجْتِهَادِهِ تَنْبِيهًا عَلَى عَدَمِ تَسْمِيَتِهِ اجْتِهَادًا لِفَقْدِ شَرْطِهِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ أَيْضًا لِيَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَتِهِ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ثُمَّ تَلِفَ الْبَاقِي دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا خَلَطَهُمَا مَثَلًا قَبْلَ التَّيَمُّمِ لِيَصِحَّ عَلَى رَأْيِهِ، وَيُقَيَّدُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ بِمَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ لَمْ يَغْلِبْ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَمَعَهُ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ، عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ تَخَالُفَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ، وَإِنَّمَا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ، وَعَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ تَجِبُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَهُورًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ لِيُسْتَعْمَلَ الْبَوْلُ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ كَإِطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ (قَوْلُهُ وَمُذَكَّاةٌ مُطْلَقًا) أَيْ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ) هَلْ يَجْزِي ذَلِكَ فِي الْمَسْمُومَةِ إذَا مَنَعَ مِنْ الِاجْتِهَادِ أَوْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْهَجْمُ فِي الْمَسْمُومَةِ؛ لِأَنَّ هَجْمَهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَنَاوُلِ مَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ، وَلَا بُدَّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الْهَجْمُ تَنَاوُلُ النَّجَسِ وَأَمْرُهُ سَهْلٌ لِزَوَالِهِ بِغَسْلِ الْفَمِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عَطَشٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لِعَطَشِ دَابَّةٍ، وَكَذَا آدَمِيٌّ خَافَ مِنْ الْعَطَشِ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ شُرْبُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ النَّجَسِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ: هَذَا الْقَيْدُ مُسْتَفَادٌ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ إنْ حَمَلَ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ عَلَى إرَادَةِ اسْتِعْمَالِهِ تَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَالَ حَجّ: وَيُمْكِنُ بَقَاءُ اسْتَعْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعِبَارَتِهِ وَقُيِّدَ بِالِاسْتِعْمَالِ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِاسْتَعْمَلَ، أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْآخَرِ إلَّا بِهِ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدَبَ الْإِرَاقَةَ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ وَيَتَشَوَّشَ ظَنُّهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي مِنْ ظَنَّيْهِ فِيهِ) أَيْ بَلْ وَلَا بِالْأَوَّلِ أَيْضًا لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ اجْتِهَادِهِ السَّابِقِ، وَمِنْ فَوَائِدِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي مَعَ امْتِنَاعِ الْعَمَلِ بِهِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ بِهِ طَهَارَةَ الثَّانِي شَرِبَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ غَسَلَ بِهِ نَجَاسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ بَيْنَهُمَا وَمَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ ثِيَابِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ تَعَدُّدُ الْمُشْتَبَهِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَيْفَ يَتَأَتَّى قَطْعُ النَّظَرِ عَنْهُ مَعَ التَّعْبِيرِ بِهِ فِي كَلَامِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ فِي مُقَابَلَةِ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ قَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقَبْلَ التَّيَمُّمِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُقَيَّدُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ) هَذَا لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِهَذَا الْحَمْلِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ) يُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الثَّانِي أَيْضًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: تَخَالُفُهُمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ: أَيْ فِي هَذَا الْحَمْلِ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>