للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْفَصْلِ، وَمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ قَصْدِهَا حَتَّى لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهُ (ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعِ خُطَبٍ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ صَلَاتِهَا وَالْجُمُعَةُ بِالْعَكْسِ، وَالْعِيدُ مَعَ الْكُسُوفِ كَالْفَرْضِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.

نَعَمْ لَوْ قَصَدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَتَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ. لَا يُقَالُ: السُّنَّةُ حَيْثُ لَمْ تَتَدَاخَلْ لَا يَصِحُّ نِيَّتُهَا مَعَ سُنَّةٍ مِثْلِهَا وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ الضُّحَى وَقَضَاءَ سُنَّةِ الصُّبْحِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْخُطْبَتَانِ تَابِعَتَانِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا تَضُرُّ نِيَّتُهُمَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ) (اجْتَمَعَ عِيدٌ) وَجِنَازَةٌ (أَوْ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ) (قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ) فِيهِمَا لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأْخِيرِهَا؛ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْآدَمِيِّ وَشَرْطُ تَقْدِيمِهَا حُضُورُهَا وَالْوَلِيُّ فَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ أَوْ حَضَرَتْ دُونَهُ أَفْرَدَ الْإِمَامُ لَهَا مَنْ يَنْتَظِرُهَا وَاشْتَغَلَ هُوَ بِغَيْرِهَا مِمَّا بَقِيَ، وَلَوْ اجْتَمَعَ فَرْضٌ مَعَهَا قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا وَلَوْ جُمُعَةً بِشَرْطِ أَنْ يَتَّسِعَ وَقْتُهُ، فَإِنْ ضَاقَ قَدَّمَ عَلَيْهَا وَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي اجْتِمَاعِ الْفَرْضِ وَالْجِنَازَةِ، عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْفَرْضِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِهِ خَطَأٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا وُلِّيَ الْخَطَابَةَ بِجَامِعِ مِصْرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُفْتِي الْحَمَّالِينَ وَأَهْلَ الْمَيِّتِ: أَيْ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ تَجْهِيزُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ لِيَذْهَبُوا بِهَا اهـ.

وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ إنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهَا، أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ لَا لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مِنْ وُجُوبِ قَصْدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ هَلْ يَنْصَرِفُ لَهُمَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يَنْصَرِفُ لِلصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا عَقِبَهُ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ قَرِينَةُ إرَادَةِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ لِلتَّكْبِيرِ فَيَنْصَرِفُ لِلْعِيدِ، وَإِنْ أَخَّرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَوْ افْتَتَحَهَا بِالِاسْتِغْفَارِ فَيَنْصَرِفُ لِلْكُسُوفِ وَإِنْ أَخَّرَ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْكُسُوفَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ سَقَطَتْ خُطْبَتُهُ وَقَصَدَ بِالْخُطْبَةِ الْجُمُعَةَ فَقَطْ، قَالَ شَارِحُهُ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا حَتَّى لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ سَقَطَتْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُطْبَتَانِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا الْوَعْظُ، إذْ لَيْسَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ عَلَيْهَا) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ تَعْلِيلُهُمْ إلَخْ يَنْبَغِي جَوَازُ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْجُمُعَةِ لِغَرَضِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ أَوْصَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ الَّذِي يَتَّفِقُ تَجْهِيزُهُ عِنْدَهُ جُمُعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ الْمُصَلِّينَ، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ إفْتَاؤُهُ بِوُجُوبِ التَّقْدِيمِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْوُجُوبَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْجُ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ كَأَنْ حَضَرَ مَنْ عَادَتُهُمْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ ثُمَّ حَضَرَتْ الْجِنَازَةُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُفْتَى الْحَمَّالِينَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي حَمْلِهَا وَلَوْ عَلَى التَّنَاوُبِ. وَقَوْلُهُ أَيْ الَّذِينَ إلَخْ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِمْ كُلُّ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ تَشْيِيعِهِ مِنْهُمْ م ر اهـ. وَلَا نَظَرَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمُشَيِّعِينَ جُمَالَةٌ لِلْجِنَازَةِ وَجَبْرٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: يُوَجَّهُ بِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>