بِخِلَافِ الْعِيدِ، وَأَيْضًا (قِيلَ) هُنَا إنَّهُ (يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ) بَدَلَ اقْتَرَبَتْ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: ١] لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ وَنُزُولِ الْمَطَرِ اللَّائِقَيْنِ بِالْحَالِ وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ وَيُنَادِي لَهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهَا كَالْعِيدِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ إعْطَاؤُهَا حُكْمَهُ فِي وَقْتِهِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ وَجَّهَ دَفْعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا تَخْتَصُّ) صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ (بِوَقْتِ) (الْعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) بَلْ وَلَا بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَهُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَخْتَصُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ (وَيَخْطُبُ كَالْعِيدِ) فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالسُّنَنِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ يَقُومَ فَيَخْطُبَ (لَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى بَدَلَ التَّكْبِيرِ) فَيَقُولُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى تِسْعًا وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ سَبْعًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْحَالِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ قَالَهُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ» وَيُكْثِرُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ أَكْثَرَ دُعَائِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] إلَى {وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١٢] (وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) جَهْرًا وَيَقُولُ (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (أَسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى (غَيْثًا) بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ مَطَرٌ (مُغِيثًا) بِضَمِّ الْمِيمِ: أَيْ مُنْقِذًا مِنْ الشِّدَّةِ بِإِرْوَائِهِ (هَنِيئًا) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ أَيْ طَيِّبًا لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ (مَرِيئًا) أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ (مَرِيعًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ وَيُرْوَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَمَرْتَعًا بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ: أَيْ ذَا رِيعٍ: أَيْ بِمَاءٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الْمَرَاعَةِ (غَدَقًا) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ: أَيْ كَثِيرَ الْمَاءِ وَالْخَيْرِ، وَقِيلَ الَّذِي قَطْرُهُ كِبَارٌ (مُجَلِّلًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ يُجَلِّلُ الْأَرْضَ: أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ (سَحًّا) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ شَدِيدَ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ (طَبَقًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُطْبِقًا عَلَى الْأَرْضِ: أَيْ مُسْتَوْعِبًا لَهَا فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ، وَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الزَّائِدِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَيَيْنِ، وَإِذَا كَبَّرَ فَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الثَّالِثَةِ سَبْعًا وَالرَّابِعَةِ خَمْسًا مَثَلًا، وَهَلْ يَقْرَأُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَثَلًا سُورَةً أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى. كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ جَهَرَ وَقَرَأَ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ وَجَبَ فِعْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِيدِ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَبِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ضَرَبَ عَلَيْهِ فِي نُسْخَتِهِ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ كَالْعِيدِ اهـ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ) أَيْ بِقَدْرِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ قِيَاسًا عَلَى الْعِيدِ (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَهُ غُفِرَ لَهُ) أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا بِكَوْنِهِ تِسْعًا.
(قَوْلُهُ: وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى جَهْرًا) زَادَ حَجّ بِأَدْعِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَارِدَةِ عَنْهُ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى) وَبِوَصْلِهَا مِنْ سَقَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ) أَيْ وَيُنَمِّي الْحَيَوَانَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ) زَادَ حَجّ: فَالْهَنِيءُ النَّافِعُ ظَاهِرًا وَالْمَرِيءُ النَّافِعُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ) أَيْ يُصَيِّرُهَا عَظِيمَةً مَسْتُورَةً بِالنَّبَاتِ (قَوْلُهُ: مُطْبَقًا عَلَى الْأَرْضِ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ) أَيْ مُتَقَدِّمٍ وَهُوَ الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى تِسْعًا إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مَقُولُ هَذَا الْقَوْلِ فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ فَلْتُرَاجَعْ لَهُ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ. لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَخْ تُنَازِعُهُ يَقُولُ هَذَا وَيَقُولُ الْآتِي بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَقُولَ الْأَوَّلِ مُطْلَقُ الِاسْتِغْفَارِ الشَّامِلُ لِمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ فَهُوَ غَيْرُ خُصُوصِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ) وَبِوَصْلِهَا أَيْضًا كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute