للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُحَرَّرِ اخْتِصَارًا (وَيُحَوِّلُ) الْخَطِيبُ (رِدَاءَهُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ) الْقِبْلَةَ تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ مِنْ الشِّدَّةِ إلَى الرَّخَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ (فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ) أَيْ يَمِينِ رِدَائِهِ (يَسَارَهُ وَعَكْسُهُ لِلِاتِّبَاعِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا (وَيُنَكِّسُهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا وَبِضَمِّهِ مُثَقَّلًا عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ (فِي الْجَدِيدِ فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَهْمُهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَتَرْكِهِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَالْقَدِيمُ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلُهُ، وَمَتَى جَعَلَ الطَّرَفَ الْأَسْفَلَ الَّذِي عَلَى الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْآخَرَ عَلَى الْأَيْسَرِ حَصَلَ التَّنْكِيسُ وَالتَّحْوِيلُ جَمِيعًا، وَالْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُدَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا التَّحْوِيلُ قَطْعًا وَكَذَا الطَّوِيلُ، وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ تَعَسُّرُهُ لَا تَعَذُّرُهُ (وَيُحَوِّلُ النَّاسُ) وَيُنَكِّسُونَ وَهُمْ جُلُوسٌ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِثْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ وَيُجْعَلُ عَلَى أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَبَّرَ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ (مِثْلَهُ) تَبَعًا لَهُ لِلِاتِّبَاعِ (قُلْت وَيُتْرَكُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ رِدَاءُ الْخَطِيبِ وَالنَّاسِ (مُحَوَّلًا حَتَّى يَنْزِعَ الثِّيَابَ) عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ غَيَّرَ رِدَاءَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَاسْتِحْبَابُ التَّحْوِيلِ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبْنٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَأْخَذِهِ (وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) كَسَائِرِ السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ كَمَا هُوَ مُحْتَاجٌ بَلْ أَشَدُّ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْوَالِي فِي الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ خَطَبَ) لَهُ (قَبْلَ الصَّلَاةِ) (جَازَ) لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ، ثُمَّ صَلَّى، لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَفْعَلُ التَّحْوِيلَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عَقِبَهُ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِنْدِيَّةِ الْأَوَّلُ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِقْبَالِ مَشْغُولٌ بِالْوَعْظِ وَمَعَهُ يُورِثُ مَشَقَّةً فِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّحْوِيلِ وَالِالْتِفَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ حَجّ فِي آخِرِ اللِّبَاسِ: فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ، وَمَا وَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ فِي طُولِهَا أَنَّهُ نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةٌ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ بَيْضَاءَ وَفِي الْحَضَرِ سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ وَأَنَّ عَذْبَتَهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي الْحَضَرِ مِنْهَا، فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَرْوَحَا فِيهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ. نَعَمْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الرِّدَاءِ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْإِزَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي اهـ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) أَيْ كِسَاءٌ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ كَبْنٍ (قَوْلُهُ: فَعَلَهُ النَّاسُ) أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي سُنَنِ الْكِفَايَةِ وَهَذِهِ سُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ) وَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ ظَنُّوا فِتْنَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَعَلُوهَا فِي الْبَلَدِ خَطَبُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرَ مُرَادٍ، بَلْ مَتَى خَافُوا الْفِتْنَةَ لَمْ يَخْطُبُوا إلَّا بِإِذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ) أَيْ بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَهُمَا. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: اُنْظُرْ مَانِعَ الصِّحَّةِ فِي الْعِيدِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَيُنَكِّسُونَ وَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالنَّاسُ يَفْعَلُونَ بِأَرْدِيَتِهِمْ كَمَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>